ثم قال : { وتقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } [ 24 ] .
هذا تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم عهد إليه ألا يجزم في الأمور أنه كائن لا محالة إلا أن يصله بمشيئة الله . إذ لا يكون شيء إلا بمشيئته وأمره . وإنما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم [ لأنه{[42506]} ] وعد سائليه عن المسائل التي تقدم ذكرها أن يجيبهم عنها غد يومهم ولم يستثن . فاحتبس الوحي عنه من أجل ذلك خمس عشرة ليلة حتى حزنه إبطاؤه . ثم أنزل عليه{[42507]} الجواب فيهن فعرف الله [ عز وجل ]{[42508]} نبيه [ عليه السلام ] سبب احتباس الوحي عنه وعلمه ما الذي ينبغي له أن يستعمله في عداته فيما يحدث من الأمور التي [ لم ]{[42509]} يأته{[42510]} من الله عز وجل فيها{[42511]} تنزيل{[42512]} .
وتقدير { أن يشاء الله } [ 24 ] عند الكسائي والفراء : إلا أن يقول إن شاء الله{[42513]} . وقال البصريون : المعنى : إلا بمشيئة الله [ عز وجل{[42514]} ]{[42515]} . فأن : في موضع نصب على حذف [ الباء{[42516]} على ] هذا{[42517]} .
ثم قال : [ تعالى{[42518]} ] : { وذكر ربك إذا نسيت } [ 24 ] .
معناه عند ابن عباس{[42519]} : واستثن{[42520]} في يمينك إذا ذكرت أنك نسيت [ ذلك{[42521]} ] في حال اليمين{[42522]} . قال فيه : [ فإن ]{[42523]} له أن يستثني{[42524]} ولو إلى سنة ، وكذلك قال : أبو العالية ، والحسن{[42525]} . وقال عكرمة : معناه : واذكر ربك/إذا عصيت{[42526]} . وقيل : معناه : واذكر ربك إذا تركت ذكره لأن أحد معاني النسيان التي استعمل بها{[42527]} الترك{[42528]} .
ومعنى قول : من أجاز الاستثناء بعد سنة أنه يسقط ذلك الاستثناء الحرج{[42529]} بتركه ما أمر به في الاستثناء لأن الله [ عز وجل ]{[42530]} أمر بالاستثناء . فإذا ذكر الإنسان ، متى ما ذكر يمينه ، وجب عليه أن يستثني فيسقط عنه الحرج في تركه ما أمر به ولا يسقط ذلك{[42531]} لكفارة{[42532]} إذا حنث [ إلا أن يكون الاستثناء متصلا باليمين فيسقط عنه الكفارة إذا حنث{[42533]} ] ، والحرج جميعا ، هذا معنى قول ابن عباس : أنه يستثني{[42534]} بعد سنة . ولم يقل أحد أن الاستثناء بعد حين يسقط{[42535]} عنه الكفارة إذا{[42536]} حنث . ولو وجب أن يسقط الكفارة{[42537]} بالاستثناء بعد حين لم يكن قوله تعالى : { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته }{[42538]} الآية . فائدة : لأنه كان يستثني كل من أراد الحنث متى ما أراد الحنث ولا يكفر ، وتبطل فائدة الآية ، ولا يلزم أحد الكفارة . ويدل على ذلك أيضا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر وليأت الذي هو خير " {[42539]} فأمر بالكفارة عند الحنث ، ولم يقل : فليقل إن شاء الله{[42540]} .
ثم قال : { وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا } [ 24 ] .
أي قل لهم يا محمد لعل ربي أن يرشدني لأقرب مما وعدتكم وأخبرتكم أنه يكون إن هو شاء{[42541]} .
وقيل : إن هذا أمر من الله [ عز وجل{[42542]} ] لنبيه{[42543]} [ صلى الله عليه وسلم ] أن يقوله إذا نسي الاستثناء في كلامه الذي هو عنده{[42544]} في أمر مستقبل{[42545]} مع قوله إن شاء الله إذا ذكر ذلك{[42546]} .
وقيل : المعنى قل لعل ربي أن يعطيني من الآيات والدلالات{[42547]} على النبوة ما يكون أقرب من{[42548]} الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.