و { إلاّ أن يشاء الله } استثناء لا يمكن حمله على ظاهره لأنه يكون داخلاً تحت القول ، فيكون من المقول ولا ينهاه الله أن يقول { إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله } لأنه كلام صحيح في نفسه لا يمكن أن ينهى عنه ، فاحتيج في تأويل هذا الظاهر إلى تقدير .
فقال ابن عطية : في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز تقديره إلاّ أن تقول { إلا أن يشاء الله } أو إلاّ أن تقول إن شاء الله ، فالمعنى إلاّ أن تذكر مشيئة الله فليس { إلا أن يشاء الله } من القول الذي نهى عنه .
وقال الزمخشري : { إلاّ أن يشاء الله } متعلق بالنهي لا بقوله { إني فاعل } لأنه لو قال { إني فاعل } كذا { إلاّ أن يشاء الله } كان معناه إلاّ أن تعترض مشيئة الله دون فعله ، وذلك ما لا مدخل فيه للنهي وتعلقه بالنهي على وجهين .
أحدهما : ولا تقولنّ ذلك القول إلاّ أن يشاء الله أن تقوله بأن ذلك فيه .
والثاني : ولا تقولنه إلاّ بأن يشاء الله أي إلاّ بمشيئته وهو في موضع الحال ، أي إلاّ ملتبساً بمشيئة الله قائلاً إن شاء الله .
وفيه وجه ثالث وهو أن يكون إلاّ أن يشاء الله في معنى كلمة ثانية كأنه قيل : ولا تقولنه أبداً ونحوه { وما يكون لنا أن نعود فيها إلاّ أن يشاء الله ربنا } لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاء الله ، وهذا نهي تأديب من الله لنبيه حين قال : «ائتوني غداً أخبركم » .
قال ابن عطية : وقالت فرقة هو استثناء من قوله { ولا تقولن } وحكاه الطبري ، ورد عليه وهو من الفساد من حيث كان الواجب أن لا يحكى انتهى .
وتقدم تخريج الزمخشري : ذلك على أن يكون متعلقاً بالنهي ، وتكلم المفسرون في هذه الآية في الاستثناء في اليمين ، وليست الآية في الإيمان والظاهر أمره تعالى بذكر الله إذا عرض له نسيان ، ومتعلق النسيان غير متعلق الذكر .
فقيل : التقدير { واذكر ربك } إذا تركت بعض ما أمرك به .
وقيل واذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسيّ ، وقد حمل قتادة ذلك على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها .
وقيل : { واذكر ربك } بالتسبيح والاستغفار { إذا نسيت } كلمة الاستثناء تشديداً في البعث على الاهتمام بها .
وقيل : { واذكر } مشيئة { ربك } إذا فرط منك نسيان لذلك أي { إذا نسيت } كلمة الاستثناء ثم تنبهت لها ، فتداركتها بالذكر قاله ابن جبير .
قال : ولو بعد يوم أو شهر أو سنة .
وقال ابن الأنباري : بعد تقضي النسيان كما تقول : اذكر لعبد الله إذا صلى صاحبك أي إذا قضى الصلاة .
والإشارة بقوله لأقرب من هذا إلى الشيء المنسي أي { اذكر ربك } عند نسيانه بأن تقول { عسى أن يهديني ربي } لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه { رشداً } وأدنى خيراً أو منفعة ، ولعل النسيان كان خيرة كقوله { أو ننسها نأت بخير منها } وقال الزمخشري : وهذا إشارة إلى بناء أهل الكهف ، ومعناه لعل الله يؤتيني من البينات والحجج على أني نبيّ صادق ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشداً من بناء أصحاب الكهف ، وقد فعل ذلك حيث آتاه من قصص الأنبياء والأخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك وأدل انتهى .
وهذا تقدمه إليه الزجّاج قال المعنى : { عسى } أن ييسر الله من الأدلة على نبوّتي أقرب من دليل أصحاب الكهف .
وقال ابن الأنباري : { عسى } أن يعرفني جواب مسائلكم قبل الوقت الذي حددته لكم ويعجل لي من جهته الرشاد .
وقال محمد الكوفي المفسر : هي بألفاظها مما أمر أن يقولها كل من لم يستثن وإنها كفارة لنسيان الاستثناء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.