جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّي لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَٰذَا رَشَدٗا} (24)

{ إِلا أَن يَشَاء اللَّهُ } : إلا بأن يشاء الله ، أي : متلبسا بمشيئته ، يعني إلا أن يقول إن شاء الله ، فهو استثناء من النهي ، نزلت حين سأل أهل مكة عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين ، فقال عليه السلام : " أخبركم غدا " ، ولم يقل إن شاء الله ، فلبث الوحي أياما نزلت هذه الآية تعليما وتأديبا ، وقيل معناه : لا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله ، بأن يأذن لك فيه { وَاذْكُر رَّبَّكَ } أي : مشيئته ، وقل إن شاء الله { إِذَا نَسِيتَ } : إذا فرط منك نسيان ، يعني : إذا أنسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر . وعن ابن عباس : للحالف أن يستثني ولو بعد سنة ، قال ابن جرير : السنة أن يقول ذلك حتى ولو كان بعد الحنث ، ليكون أتيا بسنة الاستثناء لا لأن يكون رافعا للحنث مسقطا للكفارة ، وقال : هذا هو الصحيح الأليق بحمل كلامه عليه ، وقد نقل عن ابن عباس إن هذا خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم أي إنه لا يحنث إ ن استثنى ولو بعد سنين ، وقيل معناه إنه تعالى أرشد من نسى الشيء من كلامه إلى أن يذكر الله ، فإن النسيان منشؤه الشيطان ، وذكر الله يطرده فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان { قُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا } أي : يدلني ويعطيني من الآيات الدالة على نبوتي ما يكون أقرب وأدل في الرشد من قصة أصحاب الكهف ، وقيل معناه إذا سئلت عن شيء لا تعلمه فتوجه إلى الله في أن يوفقك لأقرب طريق إليه وقيل معناه واذكر ربك إذا نسيت شيئا ، واذكر ربك أن تقول عند نسيانه عسى ربي أن يهدين لشيء آخر بدل المنسي أقرب من المنسي رشدا .