الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَٰجٗا وَقَمَرٗا مُّنِيرٗا} (61)

{ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجاً } يعني منازل الكواكب السبعة السيارة وهي اثنا عشر برجاً : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأَسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت ، فالحمل والعقرب بيتا المريخ ، والثور والميزان بيتا الزهرة ، والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد ، والسرطان بيت القمر ، والأسد بيت الشمس ، والقوس والحوت بيتا المشتري ، والجدي والدلو بيتا زحل ، وهذه البروج مقسومة على الطبائع الاربع فيكون نصيب كل واحد منهما ثلاثة بروج تسمى المثلثات ، فالحمل والأسد والقوس مثلثة نارية ، والثور والسنبلة والجدي مثلثة أرضية ، والجوزاء والميزان والدلو مثلثة هوائية ، والسرطان والعقرب والحوت مثلثة مائية . واختلفت أقاويل أهل التأويل في تفسير البروج .

فاخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني قال : حدّثني محمد بن الحسين بن أبي الشيخ قال : حدّثنا هارون بن إسحاق الهمداني قال : حدّثنا عبد الله بن إدريس قال : حدّثني أبي عن عطية العوفي في قوله سبحانه { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجاً } قال : قصوراً فيها الحرس ، دليله قوله

{ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } [ النساء : 78 ] .

وقال الأخطل :

كأنها برج رومي يشيِّده *** بان بجصّ وآجرَ أحجار

وقال مجاهد وقتادة : هي النجوم .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شنبة قال : حدّثنا علي بن محمد بن ماهان قال : حدّثنا علي بن محمد الطنافسي قال : حدّثنا خالي يعلى عن إسماعيل عن أبي صالح { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجاً } قال : النجوم الكبائر . قال عطاء : هي الشرج وهي أبواب السماء التي تسمّى المجرّة .

{ وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً } يعني الشمس ، نظيره قوله سبحانه

{ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً } [ نوح : 16 ] وقرأ حمزة والكسائي ( وَجَعَلَ فِيهَا سُرُجاً ) بالجمع يعنون النجوم وهي قراءة أصحاب عبد الله { وَقَمَراً مُّنِيراً }