فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَٰجٗا وَقَمَرٗا مُّنِيرٗا} (61)

ثم ذكر سبحانه ما لو تفكروا فيه لعرفوا وجوب السجود للرحمن ، فقال : { تَبَارَكَ الذي جَعَلَ فِي السماء بُرُوجاً } المراد بالبروج بروج النجوم : أي منازلها الإثنا عشر ، وقيل هي النجوم الكبار ، والأوّل أولى . وسميت بروجاً ، وهي القصور العالية ؛ لأنها للكواكب كالمنازل الرفيعة لمن يسكنها ، واشتقاق البرج من التبرج ، وهو الظهور . { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً } أي شمساً ، ومثله قوله تعالى : { وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً } [ نوح : 16 ] وقرأ الجمهور { سراجاً } بالإفراد . وقرأ حمزة والكسائي { سرجاً } بالجمع : أي النجوم العظام الوقادة ، ورجح القراءة الأولى أبو عبيد . قال الزجاج : في تأويل قراءة حمزة والكسائي أراد الشمس والكواكب { وَقَمَراً مُّنِيراً } أي ينير الأرض إذا طلع ، وقرأ الأعمش { قمراً } بضم القاف ، وإسكان الميم ، وهي قراءة ضعيفة شاذة .

/خ67