{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ } يعني أفاضل العباد ، وقيل هذه الإضافة على التخصيص والتفضيل ، وقرأ الحسن : وعبيد الرَّحْمن .
{ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً } أي بالسكينة والوقار والطاعة والتواضع غير أشرين ولا مرحين ولا متكبّرين ولا مفسدين .
أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا العباس بن محمد بن قوهبار قال : حدّثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى قال : حدّثنا يحيى بن يحيى قال : حدّثنا هشيم بن عباد بن راشد عن الحسن في قوله سبحانه { يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً } قال : حلماً وعلماً ، وقال محمد بن الحنفية : أصحاب وقار وعفّة لا يسفهون ، وإنْ سفه عليهم حلموا .
الضحّاك : أتقياء أعفّاء لا يجهلون قال : وهو بالسريانية . الثمالي : بالنبطيّة ، والهون في اللغة : الرفق واللين ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وابغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما " .
{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ } بما يكرهونه { قَالُواْ سَلاَماً } سداداً من القول عن مجاهد .
ابن حيان : قولاً يسلمون فيه من الإثم .
الحسن : سلّموا عليهم ، دليله قوله سبحانه
{ وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } [ القصص : 55 ] .
قال أبو العالية والكلبي : هذا قبل أن يؤمروا بالقتال ، ثم نسختها آية القتال .
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حنش المقري قال : حدّثنا محمد بن صالح ( الكيلسي )بمكة قال : حدّثنا سلمة بن شبيب قال : حدّثنا الوليد بن إسماعيل قال : حدّثنا شيبان بن مهران عن خالد أبن المغيرة بن قيس عن أبي محلز لاحق بن حميد عن أبي برزة الأسلمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" رأيت قوماً من أمتي ما خلقوا بعد ، وسيكونون فيما بعد اليوم أحبّهم ويحبّونني ، ويتناصحون ويتبادلون ، يمشون بنور الله في الناس رويداً في خفية وتقية ، يسلمون من الناس ، ويسلم الناس منهم بصبرهم وحلمهم ، قلوبهم بذكر الله يرجعون ، ومساجدهم بصلاتهم يعمرون ، يرحمون صغيرهم ويجلّون كبيرهم ويتواسون بينهم ، يعود غنيّهم على فقيرهم وقويّهم على ضعيفهم ، يعودون مرضاهم ويتبعون جنائزهم " .
فقال رجل من القوم : في ذلك يرفقون برفيقهم ؟ فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " كلاّ ، إنّهم لا رفيق لهم ، هم خدّام أنفسهم ، هم أكرم على الله من أن يوسّع عليهم لهوان الدنيا عند ربهم " ثمَّ تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } " .
وروي أنّ الحسن كان إذا قرأ هاتين الآيتين قال : هذا وصف نهارهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.