قوله تعالى : { تَبَارَكَ الذي جَعَلَ فِي السماء بُرُوجاً } الآية .
لما حكى مزيد نفور الكفار عن السجود ، وذكر ما لو تفكروا فيه لعرفوا وجوب السجود والعبادة للرحمن فقال{[36546]} : { تَبَارَكَ الذي جَعَلَ فِي السماء بُرُوجاً } تقدم القول في «تَبَارَكَ »{[36547]} ، قال الحسن ومجاهد وقتادة ورواية{[36548]} عن ابن عباس البروج هي النجوم الكبار سميت بروجاً لظهورها ، لأن اشتقاق البرج من التبرج وهو الظهور .
وقال عطية العوفي : البروج هي القصور العالية ، لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها ، وهذا أولى لقوله تعالى : { وَجَعَلَ فِيهَا } أي : في البروج{[36549]} فإن قيل : لم لا{[36550]} يجوز أن يكون قوله «فيها » راجعاً إلى السماء دون البروج ؟
فالجواب : لأن البروج أقرب ، فعود{[36551]} الضمير إليها أولى{[36552]} .
وروى عطاء عن ابن عباس : هي البروج الاثنا عشر{[36553]} .
قوله : { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً } . قرأ الجمهور{[36554]} بالإفراد ، والمراد به الشمس لقوله تعالى : { وَجَعَلَ{[36555]} الشمس سِرَاجاً }{[36556]} [ نوح : 16 ] ، ويؤيده أيضاً ذكر القمر بعده . والأخوان «سُرُجاً » بضمتين جمعاً{[36557]} نحو حُمُر في حِمَار ، وجمع باعتبار الكواكب النيرات{[36558]} ، وإنما ذكر القمر تشريفاً له كقوله : { وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [ البقرة : 98 ] بعد انتظامهما في الملائكة . وقرأ الأعمش والنخعي وعاصم في رواية عصمة{[36559]} «وقُمْراً » بضمة وسكون{[36560]} وهو جمع قَمْراء{[36561]} كحُمْر في حَمْرَاء ، والمعنى : وذا ليال قمر منيراً ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ثم التفت إلى المضاف بعد حذفه فوصفه تمييزاً ، ولو لم يعتبره لقال : منيرة ، ونظير مراعاته بعد حذفه قول حسان :
يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ البَرِيصَ عَلَيْهِمْ *** بَرَدَى يُصَفَّقُ بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ{[36562]}
الأصل : ماء بردى ، فحذفه{[36563]} ثم راعاه في قوله : ( يصفق ) بالياء من تحت ولو لم يكن ذلك لقال : تصفق بالتاء من فوق على أن بيت حسان يحتمل أن يكون كقوله :
وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ إبْقَالَها{[36564]} *** . . .
مع أن ابن كيسان{[36565]} يجيزه سعة{[36566]} .
وقال بعضهم : لا يبعد أن يكون القُمْر بمعنى القَمَر كالرُّشد والرَّشد{[36567]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.