الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَٰجٗا وَقَمَرٗا مُّنِيرٗا} (61)

قوله : { سِرَاجاً } : قرأ الجمهورُ بالإِفراد ، والمرادُ به الشمسُ ، ويؤيِّده ذِكْرُ القمرِ بعدَه . والأخَوان " سُرُجاً " بضمتين جمعاً ، نحو حُمُر في حِمار . وجُمِعَ باعتبارِ الكواكبِ النيِّرات . وإنما ذُكِرَ القمرُ تَشْريفاً له كقولِه :

{ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [ البقرة : 98 ] بعد انتظامِهما في الملائكةِ . وقرأ الأعمش والنخعي وابن وثاب كذلك ، إلاَّ أنه بسكونِ الراءِ تخفيفاً . والحسن والأعمش والنخعي وعاصم في روايةِ عصمة و " قُمْراً " بضمةٍ وسكونٍ ، وهو جمع قَمْراء كحُمْر في حَمْراء . والمعنى : وذا ليالٍ قُمْرٍ منيرا ، فحذف المضافُ ، وأُقيم المضافُ إليه مُقامه ، ثم التفتَ إلى المضاف بعد حَذْفِه فوصفَه ب " منيرا " . ولو لم يَعْتَبِرْه لقال : منيرةً ، ونظيرُ مراعاتِه بعد حذفِه قولُ حسان :

يَسْقُون مَنْ وَرَدَ البَريْصَ عليهمِ *** بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرَّحيقِ السَّلْسَلِ

الأصل : ماء بَرَدَى ، فحَذَفَه ثمَّ راعاه في قولهِ : " يُصَفِّقُ " بالياءِ مِنْ تحتُ ، ولو لم يكنْ ذلك لقالَ " تُصَفِّقُ " بالتاء مِنْ فوقُ . على أنَّ بيتَ حَسَّان يَحْتمل أن يكون كقولِه :

3492 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** ولا أرضَ أَبْقَلَ إبْقالها

مع أنَّ ابنَ كيسان يُجيزه سَعَةً .