الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ} (214)

{ فَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } .

أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدّثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله قال : حدّثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمر قال : حدّثني عبّاد بن يعقوب قال : حدّثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال : لمّا نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلاً ، الرجل منهم يأكل المسنّة ويشرب العس ، فأمر عليّاً برِجْل شاة فأدمها ثم قال : ادنُوا باسم الله فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم : اشربوا باسم الله ، فشرب القوم حتى رووا فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما يسحركم به الرجل ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ فلم يتكلّم .

ثمَّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا بني عبد المطلب إنّي أنا النذير إليكم من الله سبحانه والبشير لما يجيء به أحد منكم ، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ، ومَن يواخيني ويؤازرني ويكون وليّي ووصيي بعدي ، وخليفتي في أهلي ويقضي ديني ؟ فسكت القوم ، وأعاد ذلك ثلاثاً كلّ ذلك يسكت القوم ، ويقول علي : أنا فقال : " أنت " فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أُمِّر عليك " .

وأخبرنا عبد الله بن حامد الاصفهاني ومحمد بن عبد الله بن حمدون قالا : أخبرنا أحمد ابن محمد بن الحسن قال : حدّثنا محمد بن يحيى قال : حدّثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيّب وأبو سلمة بن عبد الرَّحْمن أنَّ أبا هريرة قال : " قام النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله سبحانه { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } قال : " يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله ، لا أُغني عنكم من الله شيئاً ، يا بني عبد مناف لا أُغني عنكم من الله شيئاً ، يا عباس بن عبد المطلب لا أُغني عنكم من الله شيئاً ، يا فاطمة بنت محمد لا أُغني عنكِ من الله شيئاً ، يا صفيّة عمّة رسول الله لا أُغني عنك من الله شيئاً ، فسلوني من مالي ما شئتم " " .

وأخبرني عبد الله بن حامد قال : أخبرنا مكي بن عبدان قال : حدّثنا عبد الله بن هاشم قال : حدّثنا عبد الله قال : حدّثنا الأعمش عن عبد الله بن مرّة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " لمّا أنزل الله سبحانه { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى يا صباحاه ، فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء وبين رجل يبعث رسولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني ؟

قالوا : نعم

قال : فإني نذيركم بين يدي عذاب شديد

فقال أبو لهب : تبّاً لك سائر اليوم ، ما دعوتنا إلاّ لهذا ، فأُنزلت { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [ المسد : 1 ] " .