بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ} (214)

قوله عز وجل : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين } يعني : خوف أقرباءك بالنار لكي يؤمنوا ، أو يثبتوا على الإيمان من كان منهم مؤمناً . وروى هشام عن الحسن قال لما نزلت هذه الآية { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين } جمع النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته فقال لهم : « يَا بَنِي هَاشِمٍ يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ ، وَأَنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ الله شَيْئاً ، لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ، وَإِنَّما أَوْلِيائِي مِنْكُمُ المُتَّقُونَ ، فَلا أَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِالآخِرَةِ ، وَجِئْتُمْ بِالدُّنْيا تَحْمِلُونَها عَلَى رِقَابِكُمْ » وذكر السدي هكذا ثم قال : « أَلا فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ » . وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال لما نزل { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين } أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا ، فصعد عليه ، ثم نادى بأعلى صوته : « يا صباحاه » فاجتمع الناس فقال صلى الله عليه وسلم : « يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ يَا بَنِي هَاشِمٍ ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِسَفْحِ هذا الجَبَلِ تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَصَدَّقْتُمُونِي ؟ » قالوا : نعم . قال : « فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ » . فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم ألهذا دعوتنا ؟ فنزل { تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ } [ المسد : 1 ] .