التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ} (214)

قوله تعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ( 214 ) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 215 ) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ( 216 ) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ( 217 ) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ( 218 ) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ( 219 ) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } المراد بعشيرته الأقربين ، قريش . وقيل : بنو عبد مناف ؛ فقد أمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن ينذرهم ويحذرهم عذاب ربهم وبأسه فإنه أليم شديد . ولا يعرض عن دين الله أو يستنكف عن شرعه ومنهجه للعالمين إلا جهول ظلوم أودى بنفسه في الهوان والخسران . وفي صحيح مسلم : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار " .

وثمة أخبار في نزول هذه الآية ، منها ما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس قال : لما أنزل الله { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ } أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى " يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتمونى ؟ " قالوا : نعم : قال : " فإني لكم نذير بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم أما دعوتنا إلا لهذا . وأنزل الله عقب ذلك { تبت يدا أبي لهب وتب } .

وكذلك روى الإمام أحمد عن عائشة قالت : لما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا فاطمة ابنة محمد ، يا صفية ابنة عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم " .

وكذلك ما رواه أحمد عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فعم وخص وقال : " يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار ، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئا "