الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (123)

{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ } قال الشعبي : كانت بدر بئر رجل يقال له بدر فسميت باسم صاحبها . قال الواقدي : ذكرت قول [ الشعبي ] لعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح فأنكراه وقالا : فلأي شيء سميت الصفراء ؟ ولأي شيء سميت الجار ؟ هذا ليس بشيء ، إنما هو اسم الموضع . قال : وذكرت ذلك ليحيى بن النعمان الغفاري فقال : سمعت شيوخنا من بني غفار يقولون هو ماؤنا ومنزلنا ، وما ملكه قط أحد غيرنا ، وما هو وهؤلاء من بلاد جهينة ، إنما هو من بلاد غفارة .

التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون بها ، وكان أول قتال قاتل فيه نبي الله صلى الله عليه وسلم . وقال الضحاك : بدر ماء بمنى على طريق مكة بين مكة والمدينة .

وقد مدحت القول في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه وجيزاً مجملاً ؛ فإنّه باب يعظم نفعه وبالله التوفيق .

ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم

جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ستّ وعشرون غزوة ، فأول غزوة غزاها غزوة ودّان ، وهي غزوة الأبواء ، ثم غزوة بواط إلى ناحية رضوى ، ثم غزوة العشيرة من بطن ينبع ، ثم غزوة بدر الأُولى بطلب كرز بن جابر ، ثم غزوة بدر الكبرى التي قتل الله فيها صناديد قريش ، ثم غزوة بني سليم حتى بلغ الكدر ماءً لبني سليم ، ثم غزوة السويق يطلب أبا سفيان بن حرب حتى بلغ قرقرة الكدر ، ثم غزوة ذي أمر وهي غزوة غطفان إلى نجد ، ثم غزوة نجران : موضع بالحجاز فوق الفرع ، ثم غزوة أُحد ثم غزوة الأسد ، ثم غزوة بني النضير ، ثم غزوة ذات الرقاع من نجد ، ثم غزوة بدر الأخيرة ، ثم غزوة دومة الجندل ، ثم غزوة الخندق ، ثم غزوة بني قريظة ، ثم غزوة بني لحيان ، ثم غزوة بني قردة ، ثم غزوة بني المصطلق من بني خزاعة لقي فيها ، ثم غزوة الحديبية لا يريد قتالا فصده المشركون ، ثم غزوة خيبر ، ثم غزوة الفتح : فتح مكة ، ثم غزوة حنين لقي فيها ، ثم غزوة الطائف حاصر فيها ، ثم غزوة تبوك .

قاتل منها في تسع غزوات : غزوة بدر الكبرى ، وهو يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة ، وأُحد في شوال سنة ثلاث ، والخندق ، وبني قريظة في شوال سنة أربع ، وبني المصطلق ، وبني لحيان في شعبان سنة خمس ، وخيبر سنة ست ، والفتح في رمضان سنة ثمان ، وحنين في شوال سنة ثمان . فأوّل غزوة غزاها بنفسه وقاتل فيها بدر وآخرها تبوك .

ذكر سراياه صلى الله عليه وسلم

روي عن مقسم قال : كانت السرايا ستّاً وثلاثين ، وهي غزوة عبيدة بن الحارث إلى حنا من أسفل ثنية المرة وهو ما بالحجارة ، ثم غزوة حمزة بن عبد المطلب إلى ساحل البحر من ناحية الفايض وبعض الناس يقدم غزوة حمزة على غزوة عبيدة وغزوة سعد بن أبي وقاص إلى الخرار من أرض الحجاز ، ثم غزوة عبد الله بن جحش إلى نخلة ، وغزوة زيد بن حارثة القردة ماء من مياه نجد ، وغزوة مرثد بن أبي مرثد الغنوي الرجيعَ لقوا فيها ، وغزوة منذر بن عمرو بئر معونة لقوا فيها ، وغزوة أبي عبيدة الجراح إلى ذي القصة من طريق العراق ، وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر ، وغزوة علي بن أبي طالب اليمن ، وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي كلبِ ليث الكديدَ لقوا فيها الملوح ، وغزوة علي بن أبي طالب إلى أبي عبد الله بن سعد من أهل فدك ، وغزوة ابن أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم أُصيب بها هو وأصحابه جميعاً ، وغزوة عكاشة بن محصن العمرة ، وغزوة أبي سلمة بن عبد الأسد قطن ماء من مياه بني أسد من ناحية نجد لقوا فيها فقتل فيها مسعود بن عروة ، وغزوة محمد بن مسلمة أخي بني حارثة إلى القرطاء موضع من هوازن ، وغزوة بشير بن سعد بن كعب بن مرة لفدك ، وغزوة بشير بن سعد أيضاً إلى حيان بلد من أرض خيبر ، وغزوة زيد بن حارثة الجموم من أرض بني سليم ، وغزوة زيد أيضاً جذام من أرض حسمي لقوا فيها ، وغزوة زيد أيضاً إلى طرف من ناحية نخل من طريق العراق ، وغزوة زيد أيضاً وادي القرى لقي بني فزارة ، وغزوة عبد الله بن رواحة خيبر مرتين إحداهما التي أصاب فيها بشراً اليهودي ، وغزوة عبد الله بن عتيك إلى حنين فأصاب بها أبا رافع بن أبي الحقيق .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث محمد بن مسلمة وأصحابه فيها من أُحد وبدر إلى كعب بن الأشرف فقتلوه ، وبعث عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان الهذلي وهو بنخلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليغزوه فقتله ، وغزوة الأُمراء : زيد بن حارثة ، وجعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن رواحة إلى مؤتة من أرض الشام فأُصيبوا بها ، وغزوة كعب بن عمرو الغفاري ذات الطلاح من أرض الشام فأُصيب بها هو وأصحابه جميعاً ، وغزوة عيينة بن حذيفة بن بدر الفزاري العنبر من بني تميم ، وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث أرض بني مرة فأصاب بها مرداس بن نهيك وحليفاً لهم من جهينة ، قتله أُسامة بن زيد ، وهو الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة فيه : " من لك ؟ من لك لا اله إلاّ الله ؟ " .

وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل من أرض بُلَي وعذرة وغزوة ، [ أبي قتادة ] وأصحابه إلى بطن إضم قبل الفتح لقوا فيها ، وغزوة الخيط إلى سيف البحر وعليهم أبو عبيدة الجراح وغزوة عبد الرحمن بن عوف .

{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } : جمع ذليل مثل عزيز وأعزة ولبيب وألبّة . وأراد هاهنا قلّة العدد ، { فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *