{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } الآية .
قال عطاء : إن المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله عزّ وجلّ منّا وكانوا إذا أذنبوا أصبحت كفارة ذنوبهم مكتوبة في عتبة بابهم : اجدع أنفك اجدع أذنك افعل كذا وكذا ، فسكت عليه الصلاة والسلام ، فأنزل الله تعالى { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } أي سابقوا إلى الأعمال التي توجب المغفرة . وحذف أهل المدينة والشام الواو منه .
واختلفوا في العلة الجالبة لهذه المغفرة :
فقال ابن عباس : سارعوا إلى الإسلام ، أبو العالية وأبو روق : إلى الهجرة ، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : إلى أداء الفرائض ، عثمان بن عفان : الاخلاص ، أنس بن مالك : هي التكبيرة الأولى ، سعيد بن جبير : إلى أداء الطاعة ، يمان : إلى الصلاة الخمس ، الضحاك : إلى الجهاد عكرمة : إلى التوبة ، مقاتل : إلى الأعمال الصالحة ، أبو بكر الوراق : إلى اتّباع الأوامر والانتهاء عن الزواجر ، سهل بن عبد الله : إلى السنّة ، بعضهم : إلى الجمع والجماعات .
{ وَجَنَّةٍ } يعني إلى جنة { عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } أي عرضها كعرض السماوات والأرض كقوله { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] أي كبعث نفس واحدة .
حسبت بغام راحلتي عناقاً *** وما هي ويب غيرك بالعناق
ودليل هذا التأويل قوله في سورة الحديد :
{ كَعَرْضِ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ } [ الحديد : 21 ] يعني لو بسطت ووصل بعضها إلى بعض إنما أخص العرض على المبالغة لأن طول كل شيء في الأغلب أكثر من عرضه يقول هذه صفة عرضها فكيف طولها . يدل عليه قول الزهري إنما وصف عرضها فأما طولها فلا يعلمه إلاّ الله كقوله
{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا } [ الرحمن : 54 ] فوصف البطانة بحسن ما يعلم من الزينة إذ معلوم أن الظواهر يكون أحسن وأنفس من البطائن .
وقال أكثر أهل المعاني : لم يرد العرض الذي هو ضد الطول وإنما أراد سعتها وعظمها ، كقول العرب : هو أعرض من الدهنا ، أي أوسع .
لجّت أمامة في لومي وما علمت *** عرض السماوة روحاتي ولا بكري
يجبن بنا عرض الفلاة *** وما لنا عليهنّ إلاّ وخدهن سقاء
كأنّ بلاد الله وهي عريضة *** على الخائف المطلوب كفه حابل
وعلى هذا التمثيل لا يريد أنها كالسماوات والأرض لا ، وغير معناه كعرض السماوات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، لأنهما لابد زائلتان كقوله :
{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } [ هود : 107 ] لأنهما لابد زائلتان .
وقال يعلي بن مرة : لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص شيخاً كبيراً قال : " قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل فناول الصحيفة رجلاً عن يساره قال : قلت : مَن صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا : معاوية ، فإذا كتاب صاحبي : إنك كتبت إليَّ تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض [ أعدّت للمتّقين ] فأين النار ؟ فقال رسول الله : " سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار " " .
وروى طارق بن شهاب : أن ناساً من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه قالوا : أرأيت قولكم { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } فأين النار ؟ فأحجم الناس ، فقال عمر ( رضي الله عنه ) : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ فقالوا : إنما لمثلها في التوراة .
وسئل أنس بن مالك عن الجنة : أفي الأرض أم في السماء ؟ فقال : أي أرض وأي سماء تسع الجنة ؟ قيل : وأين هي ؟ قال : فوق السماوات السبع تحت العرش .
وقال قتادة : كانوا يرون أن الجنة فوق السماوات السبع ، وأن جهنم تحت الأرضين السبع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.