الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (123)

قوله تعالى : { بِبَدْرٍ } : متعلق ب " نَصَرَكم " وفي الباء حينئذ قولان ، أظهرهما : أنها ظرفية أي : في بدر كقولك : زيد بمكة أي : في مكة . والثاني : أن يتعلَّق بمحذوف على أنها باءُ المصاحبة ، فمحلُّها النصب على الحال أي : مصاحبين لبدْرٍ . وبدر اسم ماء بين مكة والمدينة سُمِّي بذلك لصفائِه كالبَدْر ، وقيل : لاستدراته ، وقيل : باسم صاحبه وهو بدر بن كلدة . وقيل : هو اسم واد . وقيل : اسم بئر .

والتوكُّل :/ تفعُّل : إمَّا من الوَكالة وهي تفويضُ الأمر إلى مَنْ تَثِق بحسن تدبيره ومعرفته في التصرف ، وإمَّا مِنْ وَكَلَ أمره إلى فلان إذا عَجِز عنه . قال ابن فارس : " هو إظهارُ العَجْزِ والاعتمادُ على غيرك ، يقال : فلانُ وَكَلَهٌ تُكَلَةٌ أي : عاجز يَكِل أمره إلى غيره " . والتاء في " تُكَلة " بدلٌ من الواو كتُخَمة وتُجاه .

قوله : { وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } في محلِّ نصب على الحال من مفعول " نصركم " . و " أَذِلَّة " جمع ذليل ، وجُمِع جَمْعَ قلة إشعاراً بقلتهم مع هذه الصفة ، وفعيل الوصفُ قياسُ جمعِه على فُعَلاء كظريف وظرفاء وشريف وشرفاء ، إلا أنه تُرِك في المضعف تخفيفاً ، أَلا ترى إلى ما يُؤدِّي إليه قولُك ذُلَلاء وخُلَلاء من الثقل من جمع ذليل وخليل .