الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (123)

وقوله سبحانه : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ . . . } [ آل عمران :123 ] . لمَّا أمر اللَّه سبحانه بالتوكُّل عليه ، ذَكَّر بأَمْر بَدْرٍ الذي كان ثَمَرَتُهُ التوكُّلَ عَلَى اللَّه سبحانه ، والثِّقَةَ به .

وقوله سبحانه : { وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ } معناه : قليلون ، واسم الذُّلِّ في هذا الموضع : مستعارٌ ، إذ نسبتهم إلى عدوِّهم ، وإلى جميعِ الكفَّار في أقطار الأرض تَقْتَضِي عند المتأمِّل ذِلَّتَهُمْ ، وأنهم مغلوبُونَ ، رَوَى ابن عمرو " أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ ، إنَّهُمْ حُفَاةٌ ، فاحملهم ، اللَّهُمَّ إنَّهُمْ عُرَاةٌ ، فاكسهم ، اللَّهُمَّ ، إنَّهُمْ جِيَاعٌ ، فَأَشْبِعْهُمْ ) ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، يَوْمَ بَدْرٍ ، فانقلبوا حِينَ انقلبوا ، وَمَا فِيهِمْ رجُلٌ إلاَّ قَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أوْ جمَلَيْنِ ، واكتسوا ، وَشَبِعُوا ، " رواه أبو داود ، والحاكمُ في «المستدرك على الصَّحيحَيْن » ، واللفظ له ، وقال : صحيحٌ على شرط الشيخَيْن ، اه من «السلاح » .