الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ٱسۡتِكۡبَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَكۡرَ ٱلسَّيِّيِٕۚ وَلَا يَحِيقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلۡأَوَّلِينَۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗاۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِيلًا} (43)

{ اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ } ونصب { اسْتِكْبَاراً } على البدل من النفور ، قاله الأخفش ، وقيل : على المصدر ، وقيل : نزع الخافض . { وَمَكْرَ السَّيِّىءِ } يعني العمل القبيح ، وقال الكلبي : هو إجماعهم على الشرك وقتل النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) { وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } ، أي لا يحل ولا ينزل ، ويحيط ويلحق فقتلوا يوم بدر ، وقراءة العامة { السَّيِّىءِ } : بإشباع الإعراب فيها ، وجزم الأعمش وحمزة ( ومكر السَّيْ ) تخفيفاً وكراهة لالتقاء الحركات ولم يعملا ذلك في الأُخرى ، والقراءة المرضية ما عليه العامة .

وفي الحديث أنّ كعباً قال لابن عباس : قرأت في التوراة : من حفر حفرة وقع فيها . فقال ابن عباس : أنا أوجد لك ذلك في القرآن ، ثم قرأ قوله سبحانه وتعالى : { وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } .

وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن فنجويه قال : حدّثنا ابن شنبه قال : حدّثنا محمد بن الحسن البلخي قال : حدّثنا عبد الله بن المبارك قال : أخبرنا يونس بن يزيد عن الزهري قال : بلغنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" لا تمكر ولا تعن ماكراً ؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول : { وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } ، ولا تبغ ولا تعن باغياً ، يقول الله سبحانه وتعالى : { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمْ } [ يونس : 23 ] ولا تنكث ولا تلعن ناكثاً فإنّ الله سبحانه يقول : { فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ } [ الفتح : 10 ] " .

{ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ } يعني العذاب إذا كفروا { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً } .