غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱسۡتِكۡبَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَكۡرَ ٱلسَّيِّيِٕۚ وَلَا يَحِيقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلۡأَوَّلِينَۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗاۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحۡوِيلًا} (43)

1

{ استكباراً } على أنه مفعول لأجله أو حل ويجوز أن يون بدلاً من { نفوراً } وقوله { ومكر } من إضافة المصدر إلى صفة معموله أصله وأن مكروا السيء أي المكر السيء ، والمكر هو مكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم من الهّم بالقتل والإخراج وقد حاق بهم يوم بدر ، أو هو عام وعاقبة الماكر وخيمة يصل إليه جزاؤه عاجلاً أو آجلاً . عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تمكروا ولا تعينوا ماكراً فإن الله يقول ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله " وفي أمثالهم " من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكباً " . وفي قوله { بأهله } دون أن يقول " إلا بالماكر إشارة إلى أن الرضا بالمكر والإعانة عليه كهو فيندرج مصاحبه في زمرة أهل المكر . وقوله { سنة الأوّلين } من إضافة المصدر إلى المفعول . وقوله { سنة الله } من إضافته إلى الفاعل والمراد بها إنزال العذاب على أمثالهم من مكذبي الرسل ، جعل استقبالهم لذلك واستعجالهم إياه انتظاراً له منهم . والتبديل تغيير الصورة مع بقاء المادة ، والتحويل نقل الشيء من مكان إلى مكان آخر . خص هذه السورة بالجمع بين الوصفين لأن كثيراً من أحوال الكفرة جاءت ههنا مثناة كقوله { ولا يزيد الكافرين } إلى قوله { إلا خساراً } وكقوله { إلا نفوراً استكباراً في الأرض ومكر السيء } ويحتمل أن يريد بسنة الأوّلين استمرارهم على الإنكار كأنه قال : أنتم تريدون الإتيان بسنة الأوّلين والله يأتي بسنة لا تبدل . العذاب المعلوم بنوع آخر ولا تحوّله عن مستحقيه إلى من لا يستحقه .

/خ1