الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (2)

{ لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } فنسخت هذه الآية تلك الآية ، وقال صلى الله عليه وسلم

" لقد نزلت عليَّ آية ما يسرّني بها حمر النعم " .

وقال الضحاك : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } بغير قتال ، وكان الصلح من الفتح ، وقال الحسن : فتح الله عليه بالإسلام .

{ لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ } قال أبو حاتم : هذه ( لام ) القسم ، لما حذفت ( النون ) من فعله كسرت اللام ونُصبَ فعلها بسببها بلام كي ، وقال الحسين بن الفضيل : هو مردود إلى قوله :

{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } [ محمد : 19 ] { لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } و { لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي } وقال محمّد بن جرير : هو راجع إلى قوله :

{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ } [ النصر : 1-3 ] { لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ } قبل الرسالة { وَمَا تَأَخَّرَ } إلى وقت نزول هذه السورة .

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن عبدالله الحافظ ، حدّثنا أبو عمرو عثمان بن عمر ابن حقيف الدرّاج ، حدّثنا حامد بن شعيب ، حدّثنا شريح بن يونس ، حدّثنا محمّد بن حميد ، عن سفيان الثوري { مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ } ما عملت في الجاهلية { وَمَا تَأَخَّرَ } كلّ شيء لم تعمله .

وقال عطاء بن أبي مسلم الخرساني : { مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِك } يعني ذنب أبويك آدم وحوّاء ببركتك { وَمَا تَأَخَّرَ } ديوان أُمّتك بدعوتك . سمعت الطرازي يقول : سمعت أبا القاسم النصر آبادي يقول : سمعت أبا علي الرودباري بمصر يقول : في قول الله تعالى : { لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } ، قال : لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه .

{ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } أي ويثبتك عليه ، وقيل : يهدي بك .