الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

{ وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ } أي لأعلمناكهم ، وعرفناكهم ، ودللناك عليهم ، تقول العرب : سأُريك ما أصنع بمعنى سأُعلمك ، ومنه قوله تعالى :

{ بِمَآ أَرَاكَ اللَّهُ } [ النساء : 105 ] .

{ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ } بعلامتهم ، قال أنس بن مالك : ما أخفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم ، ولقد كنّا معه في غزاة وفيها سبعة من المنافقين يشكوهم النّاس ، فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى كلّ واحد منهم مكتوب هذا منافق .

فذلك قوله : { بِسِيمَاهُمْ } .

وقال ابن زيد : قد أراد الله إظهار نفاقهم ، وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد ، فأبوا إلاّ أن يمسكوا بلا إله إلاّ الله ، فلمّا أبوا أن يمسكوا إلاّ بلا إله إلاّ الله ، حُقنت دماؤهم ، ونَكحوا ، ونكحوا بها .

{ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } قال ابن عبّاس : في معنى { الْقَوْلِ } : الحُسن في فحواه . القرظي : في مقصده ومغزاه . واللحن وجهان : صواب ، وخطأ ، فأمّا الصواب فالفعل منه لحن يلحن لحناً ، فهو لحن إذا فطن للشيء ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض " ، والفعل من الخطأ لحن يلحن لحناً ، فهو لاحن ، والأصل فيه إزالة الكلام عن جهته ، وفي الخبر أنّه قيل لمعاوية : إنّ عبيد الله بن زياد يتكلّم بالفارسية ، فقال : أليس طريفاً من ابن أخي أن يلحن في كلامه أي يعدل به من لغة إلى لغة ، قال الشاعر :

وحديث الذه هو ممّا *** ينعت الناعتون يوزن وزنا

منطق صائب وتلحن أحيا *** ناً وخير الحديث ما كان لحنا

يعني ترتل حديثها .

{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ }