الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ} (17)

ومعنى قوله : { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ } أَنَّ نومهم كان قليلاً ؛ لاشتغالهم بالصلاة والعبادةِ ، والهجوعُ : النومُ ، وقد قال الحسن في تفسير هذه الآية : كابَدُوا قيامَ الليل ، لا ينامون منه إلاَّ قليلاً ، وأَمَّا إعرابُ الآية فقال الضَّحَّاكُ في كتاب الطبريِّ : ما يقتضي أنَّ المعنى : كانوا قليلاً في عددهم ، وتَمَّ خبرُ «كان » ، ثم ابتدأ { مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ } فما نافية و{ قَلِيلاً } وقف حسن ، وقال جمهور النحويين : ما مصدريَّةٌ و{ قَلِيلاً } خبرُ { كَانَ } ، والمعنى : كانوا قليلاً من الليل هجوعُهُم ، وعلى هذا الإعراب يجيء قولُ الحسن وغيرِهِ ، وهو الظاهر عندي أَنَّ المراد كان هُجُوعُهُمْ من الليل قليلاً ؛ قيل لبعض التابعين : مَدَحَ اللَّهُ قوماً { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ } ونَحْنُ قليلاً من الليل ما نقوم ! فقال : رَحِمَ اللَّهُ امرأً رقد إذا نعس ، وأطاع رَبَّه إذا استيقظ .