الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ} (14)

{ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى } ( عند ) صلة من قوله : { رَآهُ } والسدرة : شجرة النبق ، وقيل لها سدرة المنتهى ؛ لأنه إليها ينتهي علم كل عالم .

وقال هلال بن سياف : سأل ابن عباس كعباً عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال كعب : إنها سدرة في أصل العرش على رؤوس حملة العرش ، وإليها ينتهي علم الخلائق ، وما خلفها غيب لا يعلمه إلاّ الله سبحانه .

وقال ابن مسعود : سمّيت بذلك ؛ لأنّه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله سبحانه وتعالى إذا انتهى من يصعد إليها من الأرض قبض منها ، وقيل : لأنّه ينتهي إليها ما عرج من أرواح المؤمنين ، وقيل : لأنّه ينتهي إليها كل من مات على سنّة رسول الله " ومنهاجه .

روى الربيع عن أبي العالية عن أبي هريرة قال : " لمّا أُسري بالنبي " انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن إلى قوله : مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلّها سبعين عاماً لا يقطعها ، والورقة منها مغطّية الأُمة كلها " .

وأخبرني ابن فنجويه ، قال : حدّثنا بن شيبة ، قال : حدّثنا التنوخي قال : حدّثنا عبيد بن يعيش ، قال : حدّثنا يونس بن بكير ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قال :

" سمعت النبي " يذكر سدرة المنتهى قال : يسير الراكب في ظلّ الفنن منها مائة عام ، ويستظلّ في الفنن منها مائة راكب . فيها فراش من ذهب ، كأنّ ثمارها القلال " .

وقال مقاتل : هي شجرة لو أنّ ورقة منها وضعت في الأرض لأضاءت لأهل الأرض ، تحمل الحليّ والحلل والثمار من جميع الألوان ، ولو أنّ رجلا ركب حقّةً فطاف على ساقها ما بلغ المكان الذي ركب منه حتى يقتله الهرم ، وهي طوى التي ذكرها الله سبحانه في سورة الرعد ، وقد تقصيت وصفها في قصة المسرى .

{ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى }