جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (50)

يقول تعالى ذكره : لله سلطان السموات السبع والأرضين ، يفعل في سلطانه ما يشاء ، ويخلق ما يحبّ خلقه ، يهب لمن يشاء من خلقه من الولد الإناث دون الذكور ، بأن يجعل كل ما حملت زوجته من حمل منه أنثى وَيَهبُ لِمُنْ يَشاءُ الذّكُورَ يقول : ويهب لمن يشاء منهم الذكور ، بأن يجعل كلّ حمل حملته امرأته ذكرا لا أنثى فيهم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد أوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَانا وَإناثا قال : يخلط بينهم يقول : التزويج : أن تلد المرأة غلاما ، ثم تلد جارية ، ثم تلد غلاما ، ثم تلد جارية .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إناثا ، وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذّكُورَ قادر والله ربنا على ذلك أن يهب للرجل ذكورا ليست معهم أنثى ، وأن يهب للرجل ذكرانا وإناثا ، فيجمعهم له جميعا ، وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيما لا يولد له .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قول الله عزّ وجلّ : يَهَبُ لَمَنْ يَشاءُ إناثا ، وَيَهبُ لِمَنْ يَشاءُ الذّكُورَ ليست معهم إناث أوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَانا وَإناثا قال : يهب لهم إناثا وذكرانا ، ويجعل من يشاء عقيما لا يُولدَ له .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيما يقول : لا يُلْقِح .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيما لا يلد واحدا ولا اثنين .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد الله ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إناثا ، وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذّكُورَ ليس فيهم أنثى أوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَانا وَإناثا تلد المرأة ذكرا مرّة وأنثى مرّة وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيما لا يُولد له . وقال ابن زيد : في معنى قوله : أوْ يُزَوّجُهُمْ ما :

حدثني يونس ، قال : ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : في قوله : أوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَانا وَإناثا قال : أو يجعل في الواحد ذكرا وأنثى توأما ، هذا قوله : أوْ يُزَوّجَهُمْ ذُكْرَانا وَإناثا .

وقوله : إنّهُ عَلِيم قَدِيرٌ يقول تعالى ذكره : إن الله ذو علم بما يخلق ، وقُدرة على خلق ما يشاء لا يعزب عنه علم شيء من خلقه ، ولا يعجزه شيء أراد خلقه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (50)

أو ينوعهم مرة يهب ذكراً ويهب أنثى ، وذلك معنى قوله تعالى : { أو يزوجهم } . وقال محمد بن الحنفية : يريد بقوله تعالى : { أو يزوجهم } التوأم ، أي يجعل في بطنٍ زوجاً من الذرية ذكراً وأنثى . والعقيم : الذي لا يولد له ، وهذا كله مدبر{[10171]} بالعلم والقدرة ، وهذه الآية تقضي بفساد وجود الخنثى المشكل . وبدئ في هذه الآية بذكر الإناث تأنيساً بهن وتشريفاً لهن ليتهمم بصونهن والإحسان إليهن ، وقال النبي عليه السلام : «من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له حجاباً من النار »{[10172]} . وقال واثلة بن الأسقع : من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر ، لأن الله تعالى بدأ بالإناث ، حكاه الثعلبي . وقال إسحاق بن بشر : نزلت هذه الآية في الأنبياء ثم عمت ، فلوط أبو البنات لم يولد له ذكر ، وإبراهيم ضده ، ومحمد عليه السلام ولد له الصنفان ، ويحيى بن زكرياء عقيم .


[10171]:في بعض النسخ: (وهذا كله مؤيد بالعلم والقدرة).
[10172]:أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، ومسلم والترمذي في كتاب البر، وأحمد في مسنده (6-، 88، 166)، ولفظه كما في مسند أحمد عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: جاءت امرأة ومعها ابنتان لها تسألني، فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فأخذتها فشقتها اثنتين بين ابنتيها، ولم تأكل منها شيئا، ثم قامت فخرجت هي وابنتاها، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته حديثها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ابتلي من البنات شيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار).