وقوله : { اللّهُ الصّمَدُ } يقول تعالى ذكره : المعبود الذي لا تصلح العبادة إلاّ له الصمدُ .
واختلف أهل التأويل في معنى الصمد ، فقال بعضهم : هو الذي ليس بأجوف ، ولا يأكل ولا يشرب . ذكر من قال ذلك :
حدثنا عبد الرحمن بن الأسود ، قال : حدثنا محمد بن ربيعة ، عن سلمة بن سابور ، عن عطية ، عن ابن عباس ، قال : الصمد : الذي ليس بأجوف .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الصمد : المُصْمَت الذي لا جوف له .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثلَه سواء .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الصمد : المُصْمَت الذي ليس له جوف .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ووكيع ، قالا : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الصمد : الذي لا جوف له .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران جميعا ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثلَه .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا الربيع بن مسلم ، عن الحسن ، قال : الصّمَدُ : الذي لا جوف له .
قال : ثنا الربيع بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة ، قال : أرسلني مجاهد إلى سعيد بن جُبير أسأله عن الصمد ، فقال : الذي لا جوف له .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبيّ ، قال : الصمدُ الذي لا يَطْعَم الطعام .
حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبيّ أنه قال : الصّمَدُ : الذي لا يأكل الطعام ، ولا يشرب الشراب .
حدثنا أبو كُرَيب وابن بشار ، قالا : حدثنا وكيع ، عن سلمة بن نُبَيط ، عن الضحاك ، قال : الصمدُ : الذي لا جوف له .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن إسماعيل ، عن عامر ، قال : الصمدُ : الذي لا يأكل الطعام .
حدثنا ابن بشار وزيد بن أخزم ، قالا : حدثنا ابن داود ، عن المستقيم بن عبد الملك ، عن سعيد بن المسيب قال : الصمدُ : الذي لا حِشوة له .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : الصمدُ : الذي لا جوف له .
حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا محمد بن رومي ، عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش ، قال : ثني صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : لا أعلمه إلاّ قد رَفَعه ، قال : الصّمَد الذي لا جوف له .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، عن الربيع بن مسلم ، قال : سمعت الحسن يقول : الصّمَدُ : الذي لا جوف له .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عكرِمة ، قال : الصمدُ : الذي لا جوف له .
وقال آخرون : هو الذي لا يخرج منه شيء . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت عِكْرِمة ، قال في قوله : الصّمَدُ : الذي لم يخرج منه شيء ، ولم يَلِد ، ولم يُولَد .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي رجاء محمد بن يوسف ، عن عكرِمة قال : الصمدُ : الذي لا يخرج منه شيء .
وقال آخرون : هو الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : الصّمَدُ : الذي لم يلد ولم يولد ؛ لأنه ليس شيء يلد إلاّ سيورث ، ولا شيء يولد إلاّ سيموت ، فأخبرهم تعالى ذكره أنه لا يُورث ولا يموت .
حدثنا أحمد بن منيع ومحمود بن خِداش قالا : حدثنا أبو سعيد الصّنْعانيّ ، قال : قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم : أنسُب لنا ربك ، فأنزل الله : { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ الصّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أحَدٌ } لأنه ليس شيء يولد إلاّ سيموت ، وليس شيء يموت إلاّ سيُورث ، وإن الله جلّ ثناؤه لا يموت ولا يورث ، { ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أحَدٌ } : ولم يكن له شبيه ولا عدل ، وليس كمثله شيء .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب : الصّمَد : الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
وقال آخرون : هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه . ذكر من قال ذلك :
حدثني أبو السائب ، قال : ثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : الصّمَدُ : هو السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه .
حدثنا أبو كريب وابن بشار وابن عبد الأعلى ، قالوا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : الصّمد : السيد الذي قد انتهى سُؤدَدُه ، ولم يقل أبو كُرَيب وابن عبد الأعلى سُؤدَدُه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل مثله .
حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { الصّمَدُ } يقول : السيد الذي قد كمل في سُؤدَدِه ، والشريف الذي قد كمُل في شرفه ، والعظيم الذي قد عظُم في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والغنيّ الذي قد كمل في غناه ، والجبّار الذي قد كمل في جبروته ، والعالم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسّؤدَد ، وهو الله سبحانه هذه صفته ، لا تنبغي إلاّ له .
وقال آخرون : بل هو الباقي الذي لا يفنَى . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهَ الصّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } قال : كان الحسن وقتادة يقولان : الباقي بعد خلقه ، قال : هذه سورة خالصة ، ليس فيها ذكر شيء من أمر الدنيا والآخرة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : الصّمَدُ : الدائم .
قال أبو جعفر : الصّمَدُ عند العرب : هو السيد الذي يُصْمَدُ إليه ، الذي لا أحد فوقه ، وكذلك تسمي أشرافَها ، ومنه قول الشاعر :
ألا بَكَرَ النّاعي بِخَيْرَيْ بَنِي أسَدْ *** بعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وبالسّيّدِ الصّمَدْ
*** وَلا رَهِينَةَ إلاّ سَيّدٌ صَمَدُ ***
فإذا كان ذلك كذلك ، فالذي هو أولى بتأويل الكلمة ، المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه ولو كان حديث ابن بُريدة ، عن أبيه صحيحا ، كان أولى الأقوال بالصحة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما عَنى الله جلّ ثناؤه ، وبما أنْزل عليه .
{ الله الصمد } السيد المصمود إليه في الحوائج ، من صمد إليه إذا قصد ، وهو الموصوف به على الإطلاق ، فإنه يستغني عن غيره مطلقا ، وكل ما عداه محتاج إليه في جميع جهاته وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته ، وتكرير لفظة الله للإشعار بأن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية ، وإخلاء الجملة عن العاطف ؛ لأنها كالنتيجة للأولى أو الدليل عليها .
و{ الصمد } في كلام العرب السيد الذي يصمد إليه في الأمور ، ويستقل بها ، وأنشدوا : [ الطويل ]
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد{[4]}
وبهذا تفسر هذه الآية ؛ لأن الله جلت قدرته هو موجود الموجودات ، وإليه تصمد ، وبه قوامها ، ولا َغِنَّي بنفسه إلا هو تبارك وتعالى . وقال كثير من المفسرين : { الصمد } الذي لا جوف له ، كأنه بمعنى المصمت ، وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل ولا يشرب ، وفي هذا التفسير كله نظر ؛ لأن الجسم في غاية البعد عن صفات الله تعالى . فما الذي تعطينا هذه العبارات ، و { الله الصمد } ابتداء وخبر ، وقيل : { الصمد } نعت ، والخبر فيما بعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.