جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (72)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَىَ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الّذِينَ كَفَرُواْ الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قُلْ أَفَأُنَبّئُكُم بِشَرّ مّن ذَلِكُمُ النّارُ وَعَدَهَا اللّهُ الّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا تُتلى على مشركي قريش العابدين من دون الله ما لم ينزل به سلطانا آياتُنا يعني : آيات القرآن ، بَيّناتٍ يقول : واضحات حججها وأدلتها فيما أنزلت فيه . تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الّذِينَ كَفَرُوا المُنْكَرَ يقول : تتبين في وجوههم ما ينكره أهل الإيمان بالله من تغيرها ، لسماعهم بالقرآن .

وقوله : يَكادُونَ يَسْطُونَ بالّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا يقول : يكادون يبطشون بالذين يتلون عليهم آيات كتاب الله من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، لشدّة تكرّههم أن يسمعوا القرآن ويُتْلى عليهم .

وبنحو ما قلنا في تأويل قوله يَسْطُونَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : يَكادُونَ يَسْطُونَ يقول : يبطشون .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يَكادُونَ يَسْطُونَ يقول : يقعون بمن ذكرهم .

حدثنا محمد بن عمارة ، قال : حدثنا عبد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد : يَكادُونَ يَسْطُونَ بالّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قال : يكادون يقعون بهم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : يَكادُونَ يَسْطُونَ قال : يبطشون كفار قريش .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : يَكادُونَ يَسْطُونَ بالّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتنا يقول : يكادون يأخذونهم بأيديهم أخذا .

وقوله : قُلْ أفأُنَبّئُكُمْ بِشَرّ مِنْ ذَلِكُم يقول : أفأنبئكم أيها المشركون بأكره إليكم من هؤلاء الذين تتكرّهون قراءتهم القرآن عليكم ، هي النّارُ وعدها الله الذين كفروا . وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقول : إن المشركين قالوا : والله إن محمدا وأصحابه لشرّ خلق الله فقال الله لهم : قل أفأنبئكم أيها القائلون هذا القول بشرّ من محمد صلى الله عليه وسلم ؟ أنتم أيها المشركون الذين وعدهم الله النار . ورفعت «النار » على الابتداء ، ولأنها معرفة لا تصلح أن ينعت بها الشرّ وهو نكرة ، كما يقال : مررت برجلين : أخوك وأبوك ، ولو كانت مخفوضة كان جائزا وكذلك لو كان نصبا للعائد من ذكرها في وعدها وأنت تنوي بها الاتصال بما قبلها . يقول تعالى ذكره : فهؤلاء هم أشرار الخلق لا محمد وأصحابه . )

وقوله : وَبِئْسَ المَصِيرُ يقول : وبئس المكان الذي يصير إليه هؤلاء المشركون بالله يوم القيامة .