الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (72)

قوله تعالى : " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " يعني القرآن . " تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر " أي الغضب والعبوس . " يكادون يسطون " أي يبطشون . والسطوة شدة البطش ، يقال : سطا به يسطو إذا بطش به ؛ كان ذلك بضرب أو بشتم ، وسطا عليه . " بالذين يتلون عليهم آياتنا " وقال ابن عباس : ( يسطون يبسطون إليهم أيديهم ) . محمد بن كعب : أي يقعون بهم . الضحاك : أي يأخذونهم أخذا باليد ، والمعنى واحد . وأصل السطو القهر . والله ذو سطوات ، أي أخذات شديدة . " قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار " أي أكره من هذا القرآن الذي تسمعون هو النار . فكأنهم قالوا : ما الذي هو شر ؛ فقيل هو النار . وقيل : أي هل أنبكم بشر مما يلحق تالي القرآن منكم هو النار ، فيكون هذا وعيدا لهم على سطواتهم بالذين يتلون القرآن . ويجوز في " النار " الرفع والنصب والخفض ، فالرفع على هو النار ، أو هي النار . والنصب بمعنى أعني ، أو على إضمار فعل مثل الثاني ، أو يكون محمولا على المعنى ، أي أعرفكم من ذلكم النار . والخفض على البدل . " وعدها الله الذين كفروا " في القيامة . " وبئس المصير " أي الموضع الذي يصيرون إليه وهو النار .