البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (72)

السطو : القهر .

وقال ابن عيسى : السطوة إظهار ما يهول للإخافة .

{ وإذا تتلى عليهم آياتنا } أي يتلوه الرسول أو غيره { آياتنا } الواضحة في رفض آلهتهم ودعائهم إلى توحيد الله وعبادته { تعرف في وجوه الذين كفروا } أي الذين ستروا الحق وغطوه وهو واضح بين والمنكر مصدر بمعنى الإنكار .

ونبه على موجب المنكر وهو الكفر وناب الظاهر مناب المضمر كأنه قيل : تعرف في وجوههم لكنه نبه على العلة الموجبة لظهور المنكر في وجوههم ، والمنكر المساءة والتجهم والبسور والبطش الدال ذلك كله على سوء المعتقد وخبث السريرة ، لأن الوجه يظهر فيه الترح والفرح اللذان محلهما القلب .

{ يكادون يسطون } أي هم دهرهم بهذه الصفة فهم يقاربون ذلك طول زمانهم ، وإن كان قد وقع منهم سطو ببعض الصحابة في شاذ من الأوقات .

قال ابن عباس : { يسطون } يبسطون إليهم .

وقال محمد بن كعب : يقعون بهم .

وقال الضحاك : يأخذونهم أخذاً باليد والمعنى واحد .

وقرأ عيسى بن عمر يعرف مبنياً للمفعول المنكر ووقع { قل } هل أنبئكم { بشر من ذلكم } وعيد وتقريع والإشارة إلى غيظهم على التالين وسطوهم عليهم ، أو إلى ما أصابهم من الكراهة والبسور بسبب ما تلي عليهم .