فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (72)

{ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا }

{ تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر } ترى في وجوههم العبوس وعلامات الغيظ . { يسطون } يبطشون .

عباد الأوثان ، وأهل الكفر والطغيان إذا سمعوا آيات الله الواضحات المبينات للحق والرشد وسبل السعادة الموصلة إلى الرضوان والجنات ، زادوا بسماعها نفورا عن الإيمان والهدى ، مصداقا لما أنبأنا به الخلاق العليم : { . . ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ){[2281]} ؛ { وإنه لحسرة على الكافرين ){[2282]} ؛ { . . والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى . . ){[2283]} ؛ فإذا قرئت عليهم كلمات الله تعالى وكلها صدق وعدل ظهر الغيظ والعبوس على وجوههم ، وأوشك الحقد أن يحملهم على البطش بمن يقرأ كتاب العزيز سبحانه ، وقد حملهم على البطش فعلا بكثير ممن قرأوا من هذا الذكر الحكيم ؛ وقاربوا بل آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسطوا إليه أيديهم وألسنتهم بالسوء حين قرأ عليهم القرآن ؛ يقول مولانا جل وعز : { وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون ){[2284]} ؛ { قل } على وجه الوعيد والتقريع { أفأنبئكم } أي : . . . أتسمعون فأخبركم { بشر من ذلكم } الذي فيكم من غيظكم على التالين وسطوكم عليهم ، أو : مما أصابكم من الضجر بسبب ما تلي عليكم ؟ ! { النار } أي : هو أو هي النار ؛ على أنه خبر مبتدأ محذوف . . . وقيل : هو مبتدأ خبره قوله تعالى { وعدها الله الذين كفروا } . . وجوز أن يكون خبرا بعد خبر . . . { وبئس المصير } النار{[2285]} .


[2281]:سورة الإسراء. من الآية 82.
[2282]:سورة الحاقة. الآية 50.
[2283]:سورة فصلت. من الآية 44.
[2284]:سورة القلم. الآية 51.
[2285]:ما بين العارضتين من روح المعاني.