فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ يَكَادُونَ يَسۡطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَاۗ قُلۡ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكُمُۚ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (72)

{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } من القرآن { بَيِّنَاتٍ } أي حال كونها واضحات ظاهرات الدلالة { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَر } أي الأمر الذي ينكر وهو غضبهم وعبوسهم عند سماعها أو المراد بالمنكر الإنكار أي تعرف في وجوههم إنكارها والمنكر مصدر ، وقيل هو التجبر والترفع وهذا من إيقاع الظاهر موقع المضمر للشهادة عليهم بوصف الكفر .

{ يَكَادُونَ يَسْطُونَ } السطو : الوثب والبطش ، والسطوة شدة البطش ، يقال سطا به يسطو إذا بطش به بضرب أو شتم أو أخذ باليد ، وأصل السطو : القهر ، وقال ابن عباس : أي يبطشون { بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } هم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهم ، والجملة مستأنفة ، كأنه قيل ما ذلك المنكر الذي يعرف في وجوههم ؟ فقيل : يكادون يسطون ، وهكذا ترى أهل البدع المضلة إذا سمع الواحد منهم ما يتلوه العالم عليهم من آيات الكتاب العزيز أو من السنة الصحيحة ، مخالفا لما اعتقده من الباطل والضلالة رأيت في وجهه من المنكر ما لو تمكن من أن يسطو بذلك العالم لفعل به ما لا يفعله بالمشركين .

وقد رأينا وسمعنا من ذلك من أهل البدع ما لا يحيط به الوصف والله ناصر الحق ومظهر الدين ، ومدحض الباطل ، ودامغ البدع وحافظ المتكلمين بما أخذه عليهم المبينين للناس ما نزل إليهم وهو حسبنا ونعم الوكيل ، ثم أمر رسوله أن يرد عليهم فقال :

{ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم } أي أخبركم { بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ } الذي فيكم من الغيظ على من يتلو عليكم آيات الله ومقاربتكم للوثوب وهو { النار } التي { وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } وقيل المعنى أفأخبركم بشر مما يلحق تالي القرآن منكم من الأذى والتوعد لهم والتوثب عليهم ، وقرئ النار بالحركات الثلاث { وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } أي الموضع يصيرون إليه وهو النار .