جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ فَوۡقَهُمۡ صَـٰٓفَّـٰتٖ وَيَقۡبِضۡنَۚ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱلرَّحۡمَٰنُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءِۭ بَصِيرٌ} (19)

يقول تعالى ذكره : ولقد كذّب الذين من قبل هؤلاء المشركين من قريش من الأمم الخالية رسلهم . فَكَيْفَ كانَ نَكيرِ يقول : فكيف كان نكيري ، تكذيبهم إياهم ، ( أو لَمْ يَرَوْا إلى الطّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافّاتٍ ) يقول : أو لم ير هؤلاء المشركون إلى الطير فوقهم صافات أجنحتهنّ ويَقْبِضْنَ ، يقول : ويقبضن أجنحتهنّ أحيانا . وإنما عُنِي بذلك أنها تَصُفّ أجنحتها أحيانا ، وتقبض أحيانا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : صَافّاتٍ قال : الطير يصفّ جناحه كما رأيت ، ثم يقبضه .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : صَافّاتٍ ويَقْبِضْنَ : بسطهنّ أجنحتهنّ وقبضهنّ .

وقوله : ما يُمْسِكُهُنّ إلاّ الرّحْمَنُ ، يقول : ما يمسك الطير الصافات فوقكم إلا الرحمن . يقول : فلهم بذلك مذكر إن ذكروا ، ومعتبر إن اعتبروا ، يعلمون به أن ربهم واحد لا شريك له ، إنّهُ بِكُلّ شَيْء بَصِيرٌ ، يقول : إن الله بكل شيء ذو بصر وخبرة ، لا يدخل تدبيره خلل ، ولا يرى في خلقه تفاوت .