إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ فَوۡقَهُمۡ صَـٰٓفَّـٰتٖ وَيَقۡبِضۡنَۚ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱلرَّحۡمَٰنُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءِۭ بَصِيرٌ} (19)

{ أَوَ لَمْ يَرَوا } أغفَلوا ولم ينظُروا { إِلَى الطير فَوْقَهُمْ صافات } باسطاتٍ أجنحتهنَّ في الجوِّ عند طيرانِهَا ، فإنهنَّ إذا بسطنَهَا صفَفنَ قوادِمها صفاً { وَيَقْبِضْنَ } ويضمُمنها إذا ضربنَ بها جنوبهنَّ حيناً فحيناً ، للاستظهارِ بهِ على التحركِ ، وهو السرُّ في إيثارِ يقبضنَ ، الدالِّ على تجددِ القبضِ تارةً بعد تارةٍ على قابضاتٍ { مَا يُمْسِكُهُنَّ } في الجوِّ عند الصفِّ والقبضِ على خلافِ مقتضى الطبعِ { إِلاَّ الرحمان } الواسعُ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ ، بأنْ برأهُنَّ على أشكالٍ وخصائصَ ، وهيأهُنَّ للجريِ في الهواءِ . والجملةُ مستأنفةٌ أو حالٌ من الضميرِ في يقبضنَ { إِنَّهُ بِكُل شَيء بَصِيرٌ } يعلمُ كيفيةَ إبداعِ المبدعاتِ وتدبيرِ المصنوعاتِ .