فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ فَوۡقَهُمۡ صَـٰٓفَّـٰتٖ وَيَقۡبِضۡنَۚ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱلرَّحۡمَٰنُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءِۭ بَصِيرٌ} (19)

{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطير فَوْقَهُمْ صافات } الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدّر : أي أغفلوا ولم ينظروا ، ومعنى : { صافات } أنها صافة لأجنحتها في الهواء ، وتبسيطها عند طيرانها { وَيَقْبِضْنَ } أي يضممن أجنحتهنّ . قال النحاس : يقال للطائر إذا بسط جناحه : صافّ ، وإذا ضمها : قابض كأنه يقبضها ، وهذا معنى الطيران ، وهو بسط الجناح وقبضه بعد البسط ، ومنه قول أبي خراش :

يبادر جنح الليل فهو مزايل *** تحت الجناح بالتبسط والقبض

وإنما قال : { وَيَقْبِضْنَ } ولم يقل «قابضات » كما قال صافات ، لأن القبض يتجدد تارة فتارة ، وأما البسط فهو الأصل ، كذا قيل . وقيل : إن معنى { وَيَقْبِضْنَ } : قبضهنّ لأجنحتهنّ عند الوقوف من الطيران ، لا قبضها في حال الطيران ، وجملة { مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرحمن } في محل نصب على الحال من فاعل يقبضن ، أو مستأنفة لبيان كمال قدرة الله سبحانه . والمعنى : أنه ما يمسكهنّ في الهواء عند الطيران إلاّ الرحمن القادر على كلّ شيء { إِنَّهُ بِكُلّ شَيْء بَصِيرٌ } لا يخفى عليه شيء كائناً ما كان .

/خ21