التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ} (5)

والاستفهام فى قوله - تعالى - : { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } للتقرير والتعظيم لما أقسم به - من مخلوقات . واسم الإِشارة " ذلك " يعود إلى تلك الأشياء التى أقسم الله - تعالى - بها .

والمراد بالحِجْر العقل ، وسمى بذلك لأنه يَحْجُر صاحبه ويمنعه عن ارتكاب ما لا ينبغى ، كما سمى عقلا ، لأنه يَعْقِل صاحبه عن ارتكاب السيئات ، كما يعقِل العقالُ البعيرَ عن الضلال .

والمعنى : هل فى ذلك الذى أقسمنا به من الفجر ، والليالى العشر ، والشفع والوتر قسم ، أى : مقسم به ، حقيق أن تؤكد به الأخبار عند كل ذى عقل سليم ؟ .

مما لا شك فيه أن كل ذى عقل سليم ، يعلم تمام العلم ، أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء حقيق أن يقسم به ، لكونها - أى : هذه الأشياء - أمورا جليلة ، خليقة بالإِقسام بها لفخامة شأنها ، كما أن كل ذى عقل سليم يعلم - أيضا - أن المقسم بهذا المقسم ، وهو الله - عز وجل - صادق فيما أقسم عليه .

فالمقصود من وراء القسم بهذه الأشياء ، تحقيق المقسم عليه . بأسلوب فيه ما فيه من التأكيد والتشويق وتحقيق المقسم عليه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ} (5)

وقوله : { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ } أي : لذي عقل ولب وحجا [ ودين ]{[30037]} وإنما سمي العقل حجْرًا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال ، ومنه حجْرُ البيت لأنه يمنع الطائف من اللصوق بجداره الشامي . ومنه حجر اليمامة ، وحَجَرَ الحاكم على فلان : إذا منعه التصرف ، { وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا } [ الفرقان : 22 ] ، كل هذا من قبيل واحد ، ومعنى متقارب ، وهذا القسم هو بأوقات العبادة ، وبنفس العبادة من حج وصلاة وغير ذلك من أنواع القرب التي يتقرب بها [ إليه عباده ]{[30038]} المتقون المطيعون له ، الخائفون منه ، المتواضعون لديه ، الخاشعون لوجهه الكريم .


[30037]:- (3) زيادة من م.
[30038]:- (4) زيادة من م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ} (5)

وقوله : هَلْ فِي ذلكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ يقول تعالى ذكره : هل فيما أقسمت به من هذه الأمور مَقْنع لذي حِجر . وإنما عُنِي بذلك : إن في هذا القسم مكتفًى لمن عقل عن ربه ، مما هو أغلظ منه في الأقسام . فأما معنى قوله : لِذِي حِجْرٍ : فإنه لذي حِجًى وذي عقل يقال للرجل إذا كان مالكا نفسه قاهرا لها ضابطا : إنه لذو حَجَر ، ومنه قولهم : حَجَر الحاكم على فلان . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُريب وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : لِذِي حِجْرٍ قال : لذي النّهَى والعقل .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله لِذِي حِجْرٍ قال : لأولي النّهَى .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : هَلْ فِي ذلكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : ذو الحِجْر والنّهى والعقل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : لذي عقل ، لذي نُهًى .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأغرّ المِنقريّ ، عن خليفة بن الحصين ، عن أبي نصر ، عن ابن عباس قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : لذي لُبّ ، لذي حِجَى .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله هَلْ فِي ذلكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : لذي عقل .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : لذي عقل لذي رأي .

حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد هَلْ فِي ذَلكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : لذي لبّ ، أو نُهًى .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا خلف بن خليفة ، عن هلال بن خَبّاب ، عن مجاهد ، في قوله قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : لذي عقل .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن هَلْ فِي ذَلكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : لذي حِلْم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : لِذِي حِجْرٍ قال : لذي حِجًى وقال الحسن : لذي لُبّ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله هَلْ فِي ذلكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ لذي حِجًى ، لذي عقل ولُبّ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : هَلْ فِي ذلكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ قال : لذي عقل ، وقرأ : لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ولأولي الألباب ، وهم الذين عاتبهم الله ، وقال : العقل واللّبّ واحد ، إلاّ أنه يفترق في كلام العرب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ} (5)

ووقف تعالى على هذه الأقسام العظام هل فيها مقنع وحسب لذي عقل . و { الحجر } العقل والنهية ، والمعنى فيزدجر ذو الحجر وينظر في آيات الله تعالى .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ هل في ذلك قسم لذي حجر } يعني إن في ذلك القسم كفاية لذي اللب ، يعني ذا العقل ، فيعرف عظم هذا القسم ، فأقسم الله { إن ربك لبالمرصاد } [ الفجر :14 ] . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وإنما عُنِي بذلك : إن في هذا القسم مكتفًى لمن عقل عن ربه ، مما هو أغلظ منه في الأقسام . فأما معنى قوله : "لِذِي حِجْرٍ" : فإنه لذي حِجًى وذي عقل ...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{ لِّذِى حِجْرٍ } عقل، سمّي بذلك لأنّه يحجر صاحبه ممّا لا يحلّ ولا يجمل كما سمّي عقلاً ؛ لأنّه يعقله عن القبائح والفضائح ، ونهيٌ لأنّه نهى عمّا لا ينبغي ، ...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

وقال الفراء : " لذي حجر " أي : لمن كان ضابطا لنفسه قاهرا لهواه . ويقال : " لذي حجر " أي لذي حكم...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

قوله : { هل في ذلك قسم } استفهام، والمراد منه التأكيد كمن ذكر حجة باهرة ، ثم قال : هل فيما ذكرته حجة ؟ والمعنى أن من كان ذا لب علم أن ما أقسم الله تعالى به من هذه الأشياء فيه عجائب ودلائل على التوحيد والربوبية ، فهو حقيق بأن يقسم به لدلالته على خالقه ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ هل في ذلك } أي المذكور مع ما له من عليّ الأمر وواضح القدر { قسم } أي كاف مقنع { لذي } أي صاحب { حجر } أي عقل فيحجره ويمنعه عن الهوى في درك الهوى ، فيعليه إلى أوج الهدى ، في درج العلا ، حتى يعلم أن الذي فعل ما تضمنه هذا القسم لا يتركه سدى ، وأنه قادر على أن يحيى الموتى ...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{ لِّذِي حِجْرٍ } : لذي عقل ولبّ .

وجوب الاعتبار بمن مضى:

{ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ } أي لذي لبٍّ وعقل ، يفكر جيّداً بكل الأمور التي تطرح عليه ليميز الحق من الباطل ، وليؤكد الفكرة الثابتة التي يؤكدها الله بقسمه ، لأنها تمثل الحقيقة الحاسمة ، وهي أن الله لن يترك الطغيان وأهله في سلامٍ على الأرض ، ولكنه يعذبهم ويزلزل قواعدهم بعذابه بطريقته الخاصة ، وأنه يختبر عباده بالغنى والفقر ، ليميز الشاكر من الكافر ، والصابر من الجازع ، وليعطي لكل ذي حق ثوابه ، ولكل ذي باطلٍ عقابه .