التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

فقوله - تعالى - : { إرم } عطف بيان لعاد ، لأنه جده الأدنى .

وقوله - تعالى - : { ذَاتِ العماد } صفة لعاد ، و " ذات " وصف مؤنث لأن المراد بعاد القبيلة ، سمى أولاده باسمه ، كما سمى بنو هاشم هاشما .

والمقصود بهذه القبيلة عاد الأولى ، التى أرسل الله - تعالى - إليهم هودا - عليه السلام - . وكانوا معروفين بقوتهم وضخامة أجسامهم . . وقد جاء الحديث عنهم كثيرا فى القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله - تعالى - : { فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

أما المقسم عليه بذلك القسم ، فقد طواه السياق ، ليفسره ما بعده ، فهو موضوع الطغيان والفساد ، وأخذ ربك لأهل الطغيان والفساد ، فهو حق واقع يقسم عليه بذلك القسم في تلميح يناسب لمسات السورة الخفيفة على وجه الإجمال :

" ألم تر كيف فعل ربك بعاد ، إرم ذات العماد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد ؟ وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ؟ وفرعون ذي الأوتاد ؟ . . الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، فصب عليهم ربك سوط عذاب ؟ إن ربك لبالمرصاد " . .

وصيغة الاستفهام في مثل هذا السياق أشد إثارة لليقظة والالتفات . والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ابتداء . ثم هو لكل من تتأتى منه الرؤية أو التبصر في مصارع أولئك الأقوام ، وكلها مما كان المخاطبون بالقرآن أول مرة يعرفونه ؛ ومما تشهد به الآثار والقصص الباقية في الأجيال المتعاقبة ، وإضافة الفعل إلى " ربك " فيها للمؤمن طمأنينة وأنس وراحة . وبخاصة أولئك الذين كانوا في مكة يعانون طغيان الطغاة ، وعسف الجبارين من المشركين ، الواقفين للدعوة وأهلها بالمرصاد .

وقد جمع الله في هذه الآيات القصار مصارع أقوى الجبارين الذين عرفهم التاريخ القديم . . مصرع : " عاد إرم " وهي عاد الأولى . وقيل : إنها من العرب العاربة أو البادية . وكان مسكنهم بالأحقاف وهي كثبان الرمال . في جنوبي الجزيرة بين حضرموت واليمن . وكانوا بدوا ذوي خيام تقوم على عماد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

ووُصِفَتْ عادٌ ب { ذات العماد } ، و { ذاتُ } وصْف مؤنث لأن المراد بعاد القبيلة .

والعمادُ : عُود غليظ طويلٌ يُقام عليه البيت يركز في الأرض تقام عليه أثواب الخيمة أو القبة ويسمى دَعامةً ، وهو هنا مستعار للقوة تشبيهاً للقبيلة القوية بالبيت ذات العماد .

وإطلاق العِماد على القوة جاء في قول عمرو بن كلثوم "

ونَحن إذا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّت *** على الأحْفاض نَمنع من يَلِينا

ويجوز أن يكون المراد ب { العماد } الأعلام التي بنوْها في طرُقهم ليهتدي بها المسافرون المذكورةَ في قوله تعالى : { أتبنون بكل ريع آية تعبثون } [ الشعراء : 128 ] .

ووُصفت عاد ب { ذات العماد } لقوتها وشدتها ، أي قد أهلك الله قوماً هم أشد من القوم الذين كذبوك قال تعالى : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } [ محمد : 13 ] وقال : { أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة } [ غافر : 21 ] .

و { التي } : صادق على « عاد » بتأويل القبيلة كما وصفت ب { ذات العماد } والعرب يقولون : تَغلِبُ ابنةُ وائل ، بتأويل تغلب بالقبيلة .