التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

ثم فصل - سبحانه - جانبا من مظاهر هذا النعيم العظيم فقال { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وحلوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً }

وقوله { عَالِيَهُم } بفتح الياء وضم الهاء - بمعنى فوقهم ، فهو ظرف خبر مقدم ، وثياب مبتدأ مؤخر ، كأنه قيل : فوقهم ثياب ويصح أن يكون حالا للأبرار . أى : تلك حال أهل النعيم والملك الكبير وهم الأبرار .

وقرأ نافع وحمزة { عاليهم } - بسكون الياء وكسر الهاء - على أن الكلام جملة مستأنفة استنئافا بيانياً ، لقوله - تعالى - { رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } ، ويكون لفظ { عَالِيَهُمْ } اسم فاعل مبتدأ .

وقوله : { ثِيَابُ سُندُسٍ } فاعله ساد مسد الخبر ، ويصح أن يكون خبرا مقدما ، وما بعده مبتدأ مؤخر .

وإضافة الثياب إلى السندس بيانية ، مثل : خاتم ذهب والسندس : الديباج الرقيق . والاستبرق : الديباج الغليظ .

والمعنى : أن هؤلاء الأبرار ، أصحاب النعيم المقيم ، والملك الكبير ، فوق أجسادهم ثياب من أفخر الثياب ، لأنهم يجمعون فى لباسهم بين الديباج الرقيق ، والديباج الغليظ ، على سبيل التنعيم والجمع بين محاسن الثياب .

وكانت تلك الملابس من اللون الأخضر ، لأنها أبهج للنفس ، وشعار لباس الملوك .

وكلمة : " خضر " قرأها بعضهم بالرفع على أنها صفة لثياب ، وقرأها البعض الآخر بالجر ، على أنها صفة لسندس . وكذلك كلمة " وإستبرق " قرئت بالرفع عطفا على ثياب ، وقرئت بالجر عطفا على سندس .

وقوله : { وحلوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ } بيان لما يتزينون به فى أيديهم ، أى أن هؤلاء الأبرار يلبسون فى أيديهم أساور من فضة ، كما هو الشأن بالنسبة للملوك فى الدنيا ، ومنه ما ورد فى الحديث من ذكر سوارى كسرى .

وقوله - تعالى - : { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } أى : وفضلا عن كل تلك الملابس الفاخرة سقاهم ربهم - بفضله وإحسانه - شرابا بالغاً نهاية الطهر ، فهو ليس كخمر الدنيا ، فيه الكثير من المساوئ التى تؤدى إلى ذهاب العقول . . وإنما خمر الآخرة : شراب لذيذ طاهر من كل خبث وقذر وسوء .

وجاء لفظ " طهورا " بصيغة المبالغة ، للإِشعار بأن هذا الشراب قد بلغ النهاية فى الطهارة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

( عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ، وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) . .

والسندس الحرير الرقيق ، والإستبرق الحرير السميك المبطن . . وهم في هذه الزينة وهذا المتاع ، يتلقونه كله من( ربهم )فهو عطاء كريم من معط كريم . وهذه تضاف إلى قيمة ذلك النعيم !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

وقوله : { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } أي : لباس أهل الجنة فيها الحرير ، ومنه سندس ، وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم ، والإستبرق منه ما فيه بريق ولمعان ، وهو مما يلي الظاهر ، كما هو المعهود في اللباس{[29614]} { وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ } وهذه صفة الأبرار ، وأما المقربون فكما قال : { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [ الحج : 23 ]

ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي قال{[29615]} بعده : { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا } أي : طهر بواطنهم من الحَسَد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الرّديَّة ، كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال : إذا انتهى أهلُ الجنة إلى باب الجنة وَجَدوا هنالك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما [ فأذهب الله ]{[29616]} ما في بطونهم من أذى ، ثم اغتسلوا من الأخرى فَجَرت عليهم نضرةُ النعيم .


[29614]:- (3) في أ: "في الملبس".
[29615]:- (4) في أ: "فقال".
[29616]:- (5) مكانها في هـ، كلمة غير واضحة، والمثبت من م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلّوَاْ أَسَاوِرَ مِن فِضّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } .

يقول تعالى ذكره : فوقهم ، يعني فوق هؤلاء الأبرار ثياب سُنْدُسٍ . وكان بعض أهل التأويل يتأوّل قوله : عالِيَهُمْ فوق حِجَالهم المثبتة عليهم ثِيابُ سُنْدُسٍ وليس ذلك بالقول المدفوع ، لأن ذلك إذا كان فوق حجالٍ هم فيها ، فقد علاهم فهو عاليهم .

وقد اختلف أهل القراءة في قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة وبعض قرّاء مكة : «عَالِيْهِمْ » بتسكين الياء . وكان عاصم وأبو عمرو وابن كثير يقرءونه بفتح الياء ، فمن فتحها جعل قوله عالِيَهُمْ اسما مرافعا للثياب ، مثل قول القائل : ظاهرهم ثياب سندس .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : ثِيابُ سُنْدُسٍ يعني : ثياب ديباج رقيق حسن ، والسندس : هو ما رقّ من الديباج .

وقوله : خُضْرٌ اختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه أبو جعفر القارىء وأبو عمرو برفع خُضْرٌ على أنها نعت للثياب ، وخفض «اسْتَبْرَقٍ » عطفا به على السندس ، بمعنى : وثياب إستبرق . وقرأ ذلك عاصم وابن كثير : «خُضْرٍ » خفضا واسْتَبْرَقٌ رفعا ، عطفا بالاستبرق على الثياب ، بمعنى : عاليهم استبرق ، وتصييرا للخضر نعتا للسندس . وقرأ نافع ذلك : خُضْرٌ رفعا على أنها نعت للثياب واسْتَبْرَقٌ رفعا عطفا به على الثياب . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «خُضْرٍ واسْتَبْرَقٍ » خفضا كلاهما . وقرأ ذلك ابن محيصن بترك إجراء الاستبرق : «واسْتَبْرَقَ » بالفتح بمعنى : وثياب استبرق ، وفَتَحَ ذلك لأنه وجّهه إلى أنه اسم أعجميّ . ولكلّ هذه القراءات التي ذكرناها وجه ومذهب ، غير الذي سبق ذكرنا عن ابن محيصن ، فإنها بعيدة من معروف كلام العرب ، وذلك أن الاستبرق نكرة ، والعرب تجري الأسماء النكرة وإن كانت أعجمية ، والاستبرق : هو ما غَلُظ من الديباج . وقد ذكرنا أقوال أهل التأويل في ذلك فيما مضى قبل ، فأغنى ذلك عن إعادته ها هنا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : الاستبرق : الديباج الغليظ .

وقوله : وَحُلّوا أساوِرَ مِنْ فِضّةٍ يقول : وحلاهم ربهم أساور ، وهي جمع أسورة من فضة .

وقوله : وَسَقاهُمْ رَبّهُمْ شَرَابا طَهُورا يقول تعالى ذكره : وسقى هؤلاء الأبرار ربّهُم شرابا طهورا ، ومن طهره أنه لا يصير بولاً نجسا ، ولكنه يصير رشحا من أبدانهم كرشح المسك ، كالذي :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ، قالا : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم التيمي وَسَقاهُمْ رَبّهُمْ شَرَابا طَهُورا قال : عرق يفيض من أعراضهم مثل ريح المسك .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن منصور ، عن إبراهيم التيمي ، مثله .

قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم التيمي ، قال : إن الرجل من أهل الجنة يقسَمُ له شهوة مئة رجل من أهل الدنيا ، وأكلهم وهمتهم ، فإذا أكل سقي شرابا طهورا ، فيصير رشحا يخرج من جلده أطيب ربحا من المسك الأذفر ، ثم تعود شهوته .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : شَرَابا طَهُورا قال : ما ذكر الله من الأشربة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أبان ، عن أبي قِلابة : إن أهل الجنة إذا أكلوا وشربوا ما شاءوا دَعَوا بالشراب الطهور فيشربونه ، فتطهر بذلك بطونهم ويكون ما أكلوا وشربوا رَشْحا وريحَ مسك ، فتضمر لذلك بطونهم .

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة أو غيره «شكّ أبو جعفر الرازي » قال : صعد جبرائيل بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أُسريَ به إلى السماء السابعة ، فاستفتَح ، فقيل له : من هذا ؟ فقال : جبرائيل قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أَوَ قَدْ أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ وخليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيءُ جاء قال : فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس على كرسيّ عند باب الجنة ، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس ، وقوم في ألوانهم شيء ، فقام الذين في ألوانهم شيء ، فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خَلَص من ألوانهم شيء ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خَلَصت ألوانهم ، فصارت مثل ألوان أصحابهم ، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : يا جبريل من هذا الأشمط ، ومن هؤلاء البيض الوجوه ، ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، وما هذه الأنهار التي اغتسلوا فيها ، فجاءوا وقد صفت ألوانهم ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم ، أوّل من شَمِط على الأرض ، وأما هؤلاء البيض الوجوه ، فقوم لم يَلْبِسوا إيمانهم بظلم . وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء فقوم خلطوا عملاً صالحا وآخر سيئا فتابوا ، فتاب الله عليهم . وأما الأنهار ، فأوّلها رحمة الله ، والثاني نعمة الله ، والثالث سقاهم ربهم شرابا طهورا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

عليهم ثياب خضر سندس وإستبرق يعلوهم ثياب الحرير الخضر ما رق منها وما غلظ ونصبه على الحال من هم في عليهم أو حسبتهم أو ملكا على تقدير مضاف أي وأهل ملك كبير عاليهم وقرأ نافع عاليهم حمزة بالرفع على أنه خبر ثياب وقرا ابن كثير وأبو بكر خضر بالجر حملا على سندس بالمعنى فإنه اسم جنس وإستبرق بالرفع عطفا على ثياب وقرأهما حفص وحمزة والكسائي بالرفع وقرئ واستبرق بوصل الهمزة والفتح على أنه استفعل من البريق جعل علما لهذا النوع من الثياب وحلوا أساور من فضة عطف على ويطوف عليهم ولا يخالفه قوله أساور من ذهب لإمكان الجمع والمعاقبة والتبعيض فإن حلي أهل الجنة تختلف باختلاف أعمالهم فلعله تعالى يفيض عليهم جزاء لما عملوه بأيديهم حليا وأنوارا تتفاوت الذهب والفضة أو حال من الضمير في عاليهم بإضمار قد وعلى هذا يجوز أن يكون هذا للخدم وذلك للمخدومين وسقاهم ربهم شرابا طهورا يريد به نوعا آخر يفوق على النوعين المتقدمين ولذلك أسند سقيه إلى الله عز وجل ووصفه بالطهورية فإنه يطهر شاربه عن الميل إلى اللذات الحسية والركون إلى ما سوى الحق فيتجرد لمطالعة جماله ملتذا بلقائه باقيا ببقائه وهي منتهى درجات الصديقين ولذلك ختم بها ثواب الأبرار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا} (21)

قرأ نافع وحمزة وأبان عن عاصم : «عاليهم » على الرفع بالابتداء وهي قراءة الأعرج وأبي جعفر وشيبة وابن محيصن وابن عباس بخلاف عنه ، وقرأ الباقون وعاصم «عاليَهم » بالنصب على الحال ، والعامل فيه { لقاهم } [ الإنسان : 11 ] أو { جزاهم } [ الإنسان : 12 ] ، وهي قراءة عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة ، وقرأ الأعمش وطلحة : «عاليتهم » ، وكذلك هي في مصحف عبد الله ، وقرأ أيضاً الأعمش «عاليَتهم » بالنصب على الحال ، وقد يجوز في النصب في القراءتين أن يكون على الظرف لأنه بمعنى فوقهم ، وقرأت عائشة رضي الله عنها «علتهم » بتاء فعل ماض ، وقرأ مجاهد وقتادة وابن سيرين وأبو حيوة «عليهم » و «السندس » : رقيق الديباج والمرتفع منه ، وقيل «السندس » : الحرير الأخضر ، و «الإستبرق » والدمقس هو الأبيض ، والأرجوان هو الأحمر ، وقرأ حمزة والكسائي «خضر وإستبرقٍ » بالكسر فيهما وهي قراءة الأعمش وطلحة ، ورويت عن الحسن وابن عمر بخلاف عنه على أن «خضر » نعت للسندس ، وجائز جمع صفة الجنس إذا كان اسماً مفرداً كما قالوا : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم الأبيض ، وفي هذا قبح ، والعرب تفرد اسم الجنس وهو جمع أحياناً فيقولون : حصى أبيض ، وفي القرآن { الشجر الأخضر }{[11530]} [ يس : 80 ] و { نخل منقعر }{[11531]} [ القمر : 20 ] فكيف بأن لا يفرد هذا الذي هو صفة لواحد في معنى جمع «وإستبرق » في هذه القراءة عطف على { سندس } ، وقرأ نافع وحفص عن عاصم والحسن وعيسى «خضرٌ وإستبرقٌ » بالرفع فيهما ، «خضرٌ » نعت ل { ثياب } و «إستبرق » عطف على الثياب . وقرأ أبو عمرو وابن عامر «خضرٌ » بالرفع صفة ل { ثياب } ، «وإستبرق » خفضاً ، عطف على { سندس } ، وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر «خضرٍ » خفضاً «وإستبرقٌ » رفعاً فخفض «خضرٍ » على ما تقدم أولاً ، «واستبرقٌ » على الثياب . والإستبرق غليظ الديباج ، وقرأ ابن محيصن : «واستبرقَ » موصولة الألف مفتوحة القاف كأنه مثال الماضي من برق واستبرق وتجب واستعجب . قال أبو حاتم : لا يجوز ، والصواب أنه اسم جنس لا ينبغي أن يحمل ضميراً ، ويؤيد ذلك دخول اللام المعرفة عليه والصواب فيه الألف وإجراؤه على قراءة الجماعة ، وقرأ أبو حيوة «عليهم ثيابٌ » بالرفع «سندسٌ خضرٌ واستبرقٌ » رفعاً في الثلاثة ، وقوله تعالى : { وحلوا } أي جعل لهم حلي ، و { أساور } جمع أسورة وأسورة جمع سوار وهي من حلي الذراع ، وقوله تعالى : { شراباً طهوراً } قال أبو قلابة والنخعي معناه لا يصير بولاً بل يكون رشحاً من الأبدان أطيب من المسك .


[11530]:من الآية 80 من سورة يس.
[11531]:من الآية 20 من سورة القمر.