ثم ختم يوسف - عليه السلام - ثناءه على الله - تعالى - بهذا الدعاء الذي حكاه القرآن عنه في قوله : { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الملك } أى : يا رب قد أعطيتنى شيئاً عظيماً من الملك والسلطان بفضلك وكرمك .
{ وَعَلَّمْتَنِي } - أيضاً - شيئاً كثيراً { مِن تَأْوِيلِ الأحاديث } أى : من تفسيرها وتعبيرها تعبيراً صادقاً بتوفيقك وإحسانك .
{ فَاطِرَ السماوات والأرض } أى : خالقهما على غير مثال سابق ، وهو منصوب على النداء بحرف مقدر أى : يا فاطر السموات والأرض .
{ أَنتَ وَلِيِّي } وناصرى ومعينى { فِي الدنيا والآخرة } .
{ تَوَفَّنِي } عندما يدركنى أجلى على الإِسلام ، وأبقنى { مُسْلِماً } مدة حياتى .
{ وَأَلْحِقْنِي } في قبرى ويوم الحساب { بالصالحين } من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .
وبهذا الدعاء الجامع الذي توجه به يوسف إلى ربه - تعالى - يختتم القرآن الكريم قصة يوسف مع أبيه ومع إخوته ومع غيرهم ممن عاشرهم والتقى بهم وهو دعاء يدل على أن يوسف - عليه السلام - لم يشغله الجاه والسلطان ولم يشغله لقاؤه عن طاعة ربه ، وعن تذكر الآخرة وما فيها من حساب . .
وهذا هو شأن المصطفين الأخيار الذين نسأل الله - تعالى - أن يحشرنا معهم ، ويحلقنا بهم ، ويوفقنا للسير على نهجهم . . .
وقبل أن يسدل الستار على المشهد الأخير المثير ، نشهد يوسف ينزع نفسه من اللقاء والعناق والفرحة والابتهاج والجاه والسلطان ، والرغد والأمان . . . ليتجه إلى ربه في تسبيح الشاكر الذاكر ! كل دعوته - وهو في أبهة السلطان ، وفي فرحة تحقيق الأحلام - أن يتوفاه ربه مسلما وأن يلحقه بالصالحين :
( رب قد آتيتني من الملك ، وعلمتني من تأويل الأحاديث . فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة . توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) . .
آتيتني منه سلطانه ومكانه وجاهه وماله . فذلك من نعمة الدنيا .
( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) . .
بإدراك مآلاتها وتعبير رؤاها . فذلك من نعمة العلم .
نعمتك يا ربي أذكرها وأعددها . .
بكلمتك خلقتها وبيدك أمرها ، ولك القدرة عليها وعلى أهلها . .
( أنت وليي في الدنيا والآخرة ) . .
رب إني لا أسألك سلطانا ولا صحة ولا مالا . رب إني أسألك ما هو أبقى وأغنى :
( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) . .
وهكذا يتوارى الجاه والسلطان ، وتتوارى فرحة اللقاء واجتماع الأهل ولمة الإخوان . ويبدو المشهد الأخير مشهد عبد فرد يبتهل إلى ربه أن يحفظ له إسلامه حتى يتوفاه إليه ، وأن يلحقه بالصالحين بين يديه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.