الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ} (101)

قوله : { رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الأحاديث }{[35318]} – إلى قوله – { بالصالحين }[ 101 ] قوله : { من الملك } ، و{ من تاويل ( الأحاديث ) }{[35319]} .

{ من } : فيهما للتبعيض{[35320]} ، على معنى : آتيتني بعض الملك ، وعلمتني بعض التأويل{[35321]} . وقيل : ( من ) لا تؤنث{[35322]} الجنس ، فيكون المعنى : قد آتيتني الملك ، ( وعلمتني تأويل الأحاديث ){[35323]} مثل : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان }{[35324]} : لم يؤمروا باجتناب بعض الأوثان دون بعض ، ولكن{[35325]} المعنى : اجتنبوا الرجس الذي هو الوثن{[35326]} .

والمعنى : أن يوسف صلى الله عليه وسلم{[35327]} قال بعدما جمع{[35328]} الله ( عز وجل ){[35329]} بينه وبين أبويه وإخوته . وتذكر ما بسط له من الدنيا والكرامة{[35330]} .

{ رب قد آتيتني من الملك }[ 101 ] : أي : ملك مصر{[35331]} .

{ وعلمتني من تاويل الأحاديث }[ 101 ] يعني : عبارة الرؤيا ، تقديرا{[35332]} لنعم الله عز وجل عليه ، وشكرا له{[35333]} .

{ أنت ولي في الدنيا والآخرة }[ 101 ] : أي : أنت تثيبني{[35334]} في دنياي بنصرك على من عاداني{[35335]} ، / وأرادني{[35336]} بسوء . وتثيبني في الآخرة بفضلك{[35337]} .

ثم إنه صلى الله عليه وسلم لما رأى أمره في دنياه قد تناهى في التمام ، علم أنه لا يكون بعد التمام إلا النقص والزوال ، لأنها دار زوال . قال : فسأل الله أن يقبضه على الإسلام ، ويلحقه بآبائه الصالحين ، فقال : { توفني مسلما وألحقني بالصالحين }{[35338]}[ 101 ] .

قال{[35339]} ابن عباس : لم{[35340]} يتمن أحد من الأنبياء الموت قبل يوسف{[35341]} .

وذكر السدي أن يعقوب مات قبل يوسف ، وأوصى إلى يوسف بأن يدفنه عند قبر أبيه إسحاق . وكان قبر إسحاق بالشام . فلما مات عمل ما أمر{[35342]} ، وحمل إلى الشام . فلما بلغوا{[35343]} ( إلى ){[35344]} ذلك المكان ، أقبل عيص{[35345]} أخو يعقوب ، فمنعهم أن يدفنوه . ثم قال هشام ( بن دان ){[35346]} بن يعقوب لبعض من كان بالحضرة : ما لكم لا تدفنون جدي ؟ وكان هشام أصما{[35347]} . فقيل له : إن عيصا أخاه{[35348]} يمنعه من ذلك . فقال : أرونيه{[35349]} ، فأروه{[35350]} إياه ، فضربه ضربة ( تساقطت ){[35351]} عيناه على لحد يقعوب ، فدفنا في قبر واحد{[35352]} .


[35318]:ساقط من ق.
[35319]:ساقط من ط.
[35320]:ق: فيها التبعيض.
[35321]:وهو قول الزجاج في معانيه 2/129.
[35322]:في النسختين معا: يؤنث. ولعل الصواب ما أثبت.
[35323]:ما بين القوسين ساقط من ط.
[35324]:الحج: 28.
[35325]:ساقط من ق.
[35326]:ق: وثن وانظر: المصدر السابق.
[35327]:ط: صم.
[35328]:ط: مطموس.
[35329]:ساقط من ق.
[35330]:انظر: هذا المعنى في جامع البيان 16/278.
[35331]:انظر: المصدر السابق.
[35332]:ق: تعديدا.
[35333]:انظر: هذا التوجيه بتمامه في المصدر السابق.
[35334]:ق: أي يثيبني.
[35335]:ق: عداني.
[35336]:ق: فأرادني.
[35337]:انظر: جامع البيان 16/278.
[35338]:انظر: هذا التوجيه مختصرا في الجامع 9/179، وفي ناسخ النحاس 1/211، قوله: (رأيت بعض المتأخرين قد ذكر أن هذه الآية نسخت بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل بهم) قال: وهذا قول لا معنى له.
[35339]:ط: وقال.
[35340]:ق: لو.
[35341]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/279-280، وهو فيه مروي عن قتادة أيضا.
[35342]:ط: بالمر.
[35343]:ق: بلغن.
[35344]:ساقط من ط.
[35345]:في النسختين معا: عيصوا، والتصويب من الطبري.
[35346]:ساقط من النسختين.
[35347]:في النسختين معا: أصم.
[35348]:ط: هو عم أبيه، وليس بأخ له.
[35349]:ق: أرونه.
[35350]:ق: فأرونه.
[35351]:ساقط من ط.
[35352]:انظر: هذا الخبر في: جامع البيان 16/282.