البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ} (101)

والظاهر أن الملك هنا ملك مصر .

وقيل : ملك نفسه من إنفاذ شهوته .

وقال عطاء : ملك حساده بالطاعة ، ونيل الأماني من الملك .

وقرأ عبد الله ، وعمرو بن ذر : آتيتن ، وعلمتن بحذف الياء منهما اكتفاء بالكسرة عنهما ، مع كونهما ثابتتين خطاً .

وحكى ابن عطية عن ابن ذرانة : قرأ رب آتيتني بغير قد ، وانتصب فاطر على الصفة ، أو على النداء .

وأنت وليي تتولاني بالنعمة في الدارين ، وتوصل الملك الفاني بالملك الباقي .

وذكر كثير من المفسرين أنه لما عد نعم الله عنده تشوق إلى لقاء ربه ولحاقه بصالحي سلفه ، ورأى أنّ الدنيا كلها فانية فتمنى الموت .

وقال ابن عباس : لم يتمن الموت حي غير يوسف ، والذي يظهر أنه ليس في الآية تمنى الموت ، وإنما عدد نعمه عليه ، ثم دعا أن يتم عليه النعم في باقي أمره أي : توفني إذا حان أجلي على الإسلام ، واجعل لحاقي بالصالحين .

وإنما تمنى الوفاة على الإسلام لا الموت ، والصالحين أهل الجنة أو الأنبياء ، أو آباؤه إبراهيم وإسحاق ويعقوب .

وعلماء التاريخ يزعمون أنّ يوسف عليه السلام عاش مائة عام وسبعة أعوام ، وله من الولد : افراثيم ، ومنشا ، ورحمة زوجة أيوب عليه السلام .

قال الذهبي : وولد لافراثيم نون ، ولنون يوشع ، وهو فتى موسى عليه السلام .

وولد لمنشأ موسى ، وهو قبل موسى بن عمران عليه السلام .

ويزعم أهل التوراة أنه صاحب الخضر ، وكان ابن عباس ينكر ذلك .

وثبت في الصحيح أن صاحب الخضر هو موسى بن عمران ، وتوارثت الفراعنة ملك مصر ، ولم تزل بنو إسرائيل تحت أيديهم على بقايا دين يوسف عليه السلام إلى أن بعث موسى عليه السلام .