وقوله تعالى : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي ) قال أبو بكر الأصم : ذكر ( من الملك ) لأنه لم يؤته كل الملك ، إذ كان فوقه ملك أكبر منه . لكن لا لهذا ذكر ( من الملك ) إذ معلوم أنه لم يؤت لأحد كل ملك الدنيا . قال الله تعالى : ( تؤت الملك من تشاء )[ آل عمران : 26 ] ويكون في وقت واحد ملوك .
وقال مقاتل : من صلة ؛ كأنه قال : ربي قد آتيتني الملك[ أدرج قبلها في الأصل وم : من ] .
وقوله تعالى : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً ) إلى آخر ما ذكر قدم [ على دعائه وسؤاله ][ في الأصل وم : دعاءه وسؤاله ] ربه ما سأل إحسانه إليه ومحامده وصنائعه ليكون ذلك له وسلية إلى ربه في الإجابة .
وفي ذلك دلالة نقض قول المعتزلة من وجهين :
أحدهما : يقولون إن كل أحد ، شفيعه عمله ، فيوسف لم يذكر ما كان منه أني فعلت كذا ، فافعل بي كذا ، ولكن ذكر نعم الله وإحسانه إليه .
والثاني : من قولهم : إنه لا يؤتي أحدا ملكا ولا نبوة إلا بعد الاستحقاق ، ومن قولهم : إن كل أحد ، هو المتعلم لا[ من م ، في الأصل : إلا ] أن الله يعلم أحدا . وقد أضاف يوسف التعليم إلى الله حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) وهم يقولون : لم يعلمه ، ولكن هو تعلم .
وقوله تعالى : ( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) قال أهل التأويل : تعبير الرؤيا ، ولكن الأحاديث هي الأنباء ، والتأويل هو علم العاقبة ، وعلم ما يؤول إليه الأمر كأنه قال : علمتني مستقر الأنباء ونهايتها كقوله تعالى : ( لكل نبإ مستقر )[ الأنعام : 67 ] والله أعلم .
وقوله تعالى : ( فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ) كأنه على النداء والدعاء ذكر ؛ يا فاطر السموات والأرض ، لذلك انتصب .
وقوله تعالى : ( أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) يشبه أن يكون تأويله : أنت ولي نعمتي في الدنيا والآخرة كما يقال : فلان ولي نعمة فلان ويحتمل : أنت أولى بي في الدنيا والآخرة ، أو أنت ربي وسيدي في الدنيا والآخرة .
وقوله تعالى : ( تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) تمنى صلى الله عليه وسلم التوفي على الإسلام والإخلاص لله[ في الأصل وم : بالله ] والإلحاق بالصالحين . فهو ، والله أعلم بذلك ، أن الله قد أتاه النهاية في الشرف والمجد في الدنيا دينا ودنيا لأن نهاية الشرف في الدين ، هي النبوة والرسالة ، ونهاية الشرف في الدنيا الملك ، فأحب أن يكون له في الآخرة مثله ، فقال : ( تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) .
ثم يحتمل سؤاله أن يلحقه بالصالحين بكل صالح ، ويحتمل أنه سأله أن يلحقه بالصالحين بآبائه وأجداده وبجميع الأنبياء والرسل .
وقوله تعالى : ( تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) هو ينقض على المعتزلة أيضا لأن من[ في الأصل وم : و ] قولهم : أنه أعطى كل أحد ما به يكون مؤمنا حتى لم يبق عنده شيئا ، ومن سأل /258-ب/ آخر شيئا ، يعلم أنه ليس عنده ، فهو يهزأ به ، أو يكون كاتما[ في الأصل وم : كتمان ] النعمة ، وفي كتمان النعمة كفرانها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.