جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ} (101)

{ رَبِّ{[2473]} قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ } أي : بعضه وهو ملك مصر ، { وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ } : بعض تعبير الرؤيا ، { فَاطِرَ } : مبدع ، { السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } : منصوب بالمنادى ، { أَنتَ وَلِيِّي } : ناصري ومتولى أمري ، { فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ وتَوَفَّنِي } : اقبضني ، { مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ{[2474]} } : من آبائي وغيرهم سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا حان أجله وانقضى عمره وكلام بعض السلف وهو أنه ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف عليه السلام يشعر بأنه سأل منجزا وهو جائز في ملتهم ويحتمل أن مراده أنه أول من سأل الوفاة على الإسلام كما أن نوحا عليه السلام أول من قال : " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي " الآية ( نوح :28 ) ، وقالوا : أقام يعقوب عند يوسف أربعا وعشرين سنة ثم مات وحمل جسده الشريف عند أبيه إسحاق عليه السلام بالشام .


[2473]:فلما جمع الله تعالى ليوسف شمله علم أن نعيم الدنيا لا يدوم سأل الله تعالى حسن العاقبة فقال: "رب قد آتيتني من الملك" /12 معالم.
[2474]:قال قتادة: لم يسأل نبي من الأنبياء الموت إلا يوسف، وفي القصة لما جمع الله شمله وأوصل إليه أبويه وأهله اشتاق إلى ربه عز وجل فقال هذه المقالة قيل كان عمره عند أن ألقى في الجب سبع عشرة سنة وكان في العبودية والسجن والملك ثمانين سنة إلى قدوم أبيه يعقوب ثم عاش بعد اجتماع شملهم حتى كمل عمره المقدار الذي سيأتي وتوفاه الله وليس في اللفظ ما يدل على أنه طلب الوفاة في الحال، ولهذا ذهب الجمهور إلى أنه لم يتمن الموت بهذا الدعاء في الحال وإنما دعا به أن يتوفاه على دين الإسلام ويلحقه بالصالحين من عباده عند حضور أجله وقد عاش بعد ذلك سنين كثيرة وولد له من امرأة العزيز ثلاثة أولاد إفراثيم وميشا رحمة امرأة أيوب البتلا - عليه السلام - ولما مات دفنوه في أعلى النيل في صندوق من رخام وقيل: من حجارة المرمر لتعم البركة جانبيه فسبحان من لا انقضاء لملكه فبقي أربعمائة سنة إلى أخرجه موسى وحمله معه حتى دفنه بقرب آبائه بالشام في الأرض المقدسة وهو الآن هناك/12 فتح. [إحراج موسى لسد يوف عليهما السلام ودفنه له بقرب آبائه بالشام صحيح ثبت في حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه الحاكم (2/571) وغيره].