الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ} (101)

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن الأعمش - رضي الله عنه - قال : لما قال يوسف عليه السلام { رب قد آتيتني من الملك . . . . } إلى قوله { توفني مسلماً وألحقني بالصالحين } شكر الله له ذلك ، فزاد في عمره ثمانين عاماً .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن جريج ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال : اشتاق إلى لقاء الله ، وأحب أن يلحق به وبآبائه ، فدعا الله أن يتوفاه وأن يلحقه بهم . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ولم يسأل نبي قط الموت غير يوسف عليه السلام ، فقال { رب قد آتيتني من الملك . . . } الآية . قال ابن جريج - رضي الله عنه - وأنا أقول : في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ما سأل نبي الوفاة غير يوسف .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { توفني مسلماً وألحقني بالصالحين } يقول : توفني على طاعتك ، واغفر لي إذا توفيتني .

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { وألحقني بالصالحين } قال : يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله { توفني مسلماً وألحقني بالصالحين } قال : يعني أهل الجنة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : لما أوتي يوسف عليه السلام من الملك ما أوتي ، تاقت نفسه إلى آبائه قال { رب قد آتيتني من الملك . . . } إلى قوله { وألحقني بالصالحين } قال : بآبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب .

وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة قال : لما قدم على يوسف أبوه وإخوته وجمع الله شمله وأقر عينيه - وهو يومئذ مغموس في نعيم من الدنيا - اشتاق إلى آبائه الصالحين : إبراهيم وإسحق ويعقوب ، فسأل الله القبض ، ولم يتمن الموت أحد قط ، نبي ولا غيره إلا يوسف .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام ، لما حضرته الوفاة قال : يا إخوتاه ، إني لم انتصر من أحد ظلمني في الدنيا ، وإني كنت أحب أن أظهر الحسنة وأخفي السيئة ، فذلك زادي من الدنيا . يا إخوتاه ، إني أشركت آبائي في أعمالهم ، فأشركوني معهم في قبورهم ، وأخذ عليهم الميثاق ، فلم يفعلوا حتى بعث الله موسى عليه السلام ، فسأل عن قبره ، فلم يجد أحداً يخبره إلا امرأة يقال لها شارخ بنت شيرا بن يعقوب ، فقالت : أدلك عليه على أن أشترط عليه .

قال ذاك لك ، قالت : أصير شابة كلما كبرت . قال : ذاك لك . قالت : وأكون معك في درجتك يوم القيامة . فكأنه امتنع ، فأمر أن يمضي لها ذلك ففعل ، فدلته عليه فأخرجه ، فكانت كلما كانت بنت خمسين سنة ، صارت مثل ابنة ثلاثين سنة . حتى عمرت عمر نسرين ألف وستمائة سنة ، أو ألف وأربعمائة سنة ، حتى أدركها سليمان بن داود عليه السلام فتزوجها .

وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم ، عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - قال : إن الله حين أمر موسى عليه السلام بالسير ببني إسرائيل ، أمره أن يحتمل معه عظام يوسف عليه السلام ، وأن لا يخلفها بأرض مصر ، وأن يسير بها معه حتى يضعها بالأرض المقدسة ، فسأل موسى عليه السلام عمن يعرف موضع قبره ، فما وجد إلا عجوزاً من بني إسرائيل ، فقالت : يا نبي الله ، إني أعرف مكانه ، إن أنت أخرجتني معك ولم تخلفني بأرض مصر ، دللتك عليه . قال : أفعل . وقد كان موسى وعد بني إسرائيل أن يسير بهم إذا طلع الفجر ، فدعا ربه أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ من أمر يوسف ، ففعل . فخرجت به العجوز حتى أرته إياه في ناحية من النيل في الماء ، فاستخرجه موسى عليه السلام صندوقاً من مرمر فاحتمله .