ولما أتم الله نعمته على يوسف عليه السلام بما أخلصه منه من المحن العظيمة ، وبما خوّله من الملك ، وعلمه من العلم ، تاقت نفسه إلى الخير الأخروي الدائم الذي لا ينقطع ، فقال : { رَبّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الملك } «من » للتبعيض ، أي : بعض الملك ، لأنه لم يؤت كل الملك ، إنما أوتي ملكاً خاصاً ، وهو ملك مصر في زمن خاص { وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأحاديث } أي : بعضها ، لأنه لم يؤت جميع علم التأويل ، سواء أريد به مطلق العلم والفهم ، أو مجرد تأويل الرؤيا . وقيل : «من » للجنس ، كما في قوله : { فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان } [ الحج : 30 ] . وقيل : زائدة أي : آتيتني الملك وعلمتني تأويل الأحاديث { فَاطِرَ السماوات والأرض } منتصب على أنه صفة لربّ ، لكونه منادى مضافاً ، ويجوز أن يكون انتصابه على أنه منادى بحرف مقدّر ، أي : يا فاطر ، والفاطر : الخالق والمنشئ والمخترع والمبدع { أنت وليي } أي : ناصري ومتولي أموري { فِي الدنيا والآخرة } تتولاني فيهما { تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بالصالحين } أي : توفني على الإسلام لا يفارقني حتى أموت ، وألحقني بالصالحين من النبيين من آبائي وغيرهم فأظفر بثوابهم منك ودرجاتهم عندك . وقيل : إنه لما دعا بهذا الدعاء توفاه الله عزّ وجلّ . وقيل : كان عمره عند أن ألقي في الجبّ سبع عشرة سنة ، وكان في العبودية والسجن والملك ثمانين سنة إلى قدوم أبيه يعقوب عليه ، ثم عاش بعد اجتماع شملهم حتى كمل عمره المقدار الذي سيأتي وتوفاه الله . قيل : لم يتمنّ الموت أحد غير يوسف لا نبيّ ولا غيره . وذهب الجمهور إلى أنه لم يتمنّ الموت بهذا الدعاء ، وإنما دعا ربه أن يتوفاه على الإسلام ، ويلحقه بالصالحين من عباده عند حضور أجله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.