قوله تعالى : { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ } قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : إن الله تعالى مدح يوسف في هذه السورة ، في ثمانية مواضع . أولها أن أخوته لما فعلوا به ما فعلوا ، صرف العداوة من إخوته إلى الشيطان . فقال : { مِنْ بَعْدِ أنْ نَزَغَ الشيطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوِتِي } والثاني : حين راودته المرأة ، قال : { إنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ } فعرف حرمة سيده ، ولم يهتك حرمته . الثالث { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إلَيْهِ } فاختار السجن على الشهوة الحرام .
والرابع قال : { وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بالسُّوءِ } بعد ما ظهر أن الذنب كان من غيره .
والخامس لما اعتذر إليه إخوته ، قال لهم : { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ } والسادس أنه بعث القميص على يد إخوته كما أدخلوا على أبيهم الحزن في الابتداء ، أراد أن يدخلوا عليه السرور . فقال : { اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا } والسابع : لما لقي أباه ، لم يذكر عنده ما لقي من الشدة ، وإنما ذكر المحاسن ، حيث قال : { يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِّنَ البَدْوِ } .
والثامن : لما تمّ أمره ، تمنى الموت ، وترك الدنيا ، قال : { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ } أي : أعطيتني من الملك . يعني : بعض الملك ، وهو ملك مصر { وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ } يعني : بعض التأويل . ويقال : من ههنا لإبانة الجنس ، لا للتبعيض . ومعناه { رب قد آتيتني من الملك وعلمتني تأويل الأحاديث } يعني : تعبير الرؤيا { فَاطِر السَّمَوَاتِ وَالأرض } يعني : خالق السموات والأرض { أَنْتَ وَلِييِّ فِي الدُّنْيَا وَاْلآخِرَة تَوَفَّنِي مُسْلِماً } يعني : أمتني مخلصاً بتوحيدك { وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } يعني : بآبائي المرسلين . ويقال : عاش يعقوب في أرض مصر ، سبع عشرة سنة ، وكان عمره مائة وسبعاً وأربعين سنة . وعاش يوسف بعده ثلاثاً وعشرين سنة ، ومات يوسف وهو ابن مائة وعشرين سنة . ويقال : ابن مائة وعشر سنين . وأوصى يعقوب بأن يدفن عند آبائه ، فحمل إلى الأرض المقدسة ، فدفن مع أخيه يحصوص بن إسحاق . فلما مات يوسف ، أرادوا أن يحملوه إلى الأرض المقدسة ، فلم يتركهم أهل مصر ، واختلفوا في دفنه ، وأراد أهل كل محلة أن يدفن في مقابرهم ، وكاد أن يقع بينهم قتال ، حتى اصطلحوا واتفقوا على أن يدفن عند قسمة مياههم في أعلى مصر ، لكي يصيب بركته أهل مصر ، وكان هناك إلى زمن موسى عليه السلام ، فرفعه موسى ، وحمله إلى الأرض المقدسة ، ووضعه عند آبائه ، وقد كان يوسف أوصى إلى بني إسرائيل أن يحملوا عظامه من أرض مصر إذا خرجوا من مصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.