الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلرِّزۡقِۚ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزۡقِهِمۡ عَلَىٰ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَهُمۡ فِيهِ سَوَآءٌۚ أَفَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (71)

وقوله سبحانه : { والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ فِي الرزق } [ النحل : 71 ] .

إخبار يُرَادُ به العِبْرة ، وإِنما هي قاعدةٌ بني المثل عليها ، والمَثَل هو : أن المفضَّلين لا يصحُّ منهم أن يساهموا مماليكهم فيما أُعْطُوا حتى تستوي أحوالُهم ، فإِذا كان هذا في البَشَر ، فكيف تنسبون أيها الكَفَرةُ إلى اللَّه ، أنَّه يسمح بأنْ يشرك في الألوهيَّة الأوثانَ والأصْنَامَ وغيرها ، ممَّا عُبدَ مِنْ دونه ؟ ! وهم خَلْقُه ومِلْكُه ، هذا تأويلُ الطبريِّ ، وحكاه عن ابن عباس . قال المفسِّرون : هذه الآية كقوله تعالى : { ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُم هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أيمانكم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رزقناكم فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } [ الروم : 28 ] ، ثم وقفهم سبحانه على جَحْدهم بنعمته ، في تنبيهه لهم على مِثْلِ هذا ، مِنْ مواضِع النظرِ المؤدِّية إلى الإِيمان .