الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَكُلِي وَٱشۡرَبِي وَقَرِّي عَيۡنٗاۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدٗا فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيّٗا} (26)

قال ( ص ) : { وَقَرِّي عَيْناً } [ مريم : 26 ] .

أَيْ : طِيبي نفساً . أَبو البَقَاءِ : «عيناً » : تمييز . اه .

وقوله سبحانه : { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البشر أَحَداً } المعنى : أَن اللّه عز وجل أمرها على لسان جِبْرِيلَ عليه السلام أو ابنها على الخلاف المتقدم : بأن تُمْسك عن مخاطبة البشر ، وتحيل على ابنها في ذلك ليرتفع عنها خجلها ، وتبين الآية فيقوم عذرها . وظاهر الآية : أَنها أُبِيح لها أن تقولَ مضمن هذه الألفاظ الّتي في الآية ؛ وهو قولُ الجمهور ، وقالت فرقةٌ : معنى { قُولِي } بالإشارة ، لا بالكلام .

قال ( ص ) : وقولُه : { فَقُولِي } جوابُ الشرط ، وبينهما جملةٌ محذوفةٌ يدل عليها المعنى أيْ فَإمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحداً ، وسألك أو حاورك الكلام ، فقولي .

انتهى . و{ صَوْماً } معناه عن الكلام إذ أَصلُ الصوم الإمساكُ . وقرأَتْ فرقةٌ : { إني نَذَرْتُ للرحمن صَوماً } ولا يجوز في شَرْعِنا نذرُ الصمتِ ، فروى : أَن مريم عليها السلام لمَّا اطمأنَّت بما رأت مِنَ الآياتِ ، وعلمت أَن اللّه تعالى سيبيِّنُ عذرَها .