الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَمۡ تُرِيدُونَ أَن تَسۡـَٔلُواْ رَسُولَكُمۡ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۗ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (108)

وقوله تعالى : { أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُواْ رَسُولَكُمْ . . . } [ البقرة :108 ] .

قال أبو العالية : إِن هذه الآية نزلَتْ حين قال بعض الصحابة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : «لَيْتَ ذُنُوبَنَا جَرَتْ مجرى ذُنُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تَعْجِيلِ العُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( قَدْ أَعْطَاكُمُ اللَّهُ خَيْراً مِمَّا أعطى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ، وتَلاَ : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله غَفُوراً رَحِيماً } [ النساء : 110 ] ، وقال ابنُ عَبَّاس : سَبَبُهَا أنَّ رافعَ بْنَ حُرَيْمِلَةَ اليهوديَّ ، سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم تفجيرَ عُيونٍ ، وغير ذلك ، وقيل غير هذا ، وما سئل موسى عليه السلام هو أَنْ يرى اللَّه جهرةً ، وكنى عن الإِعراض عن الإِيمان ، والإِقبال على الكفر بالتبدُّل ، و{ ضَلَّ } أخطأ الطريق ، والسواء مِنْ كل شيءٍ الوسَطُ ، والمعظَمُ ، ومنه { فِي سَوَاءِ الجحيم }[ الصافات :55 ] ، وقال حَسَّانُ بنُ ثابتٍ في رثاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم [ الكامل ] :

يَا وَيْحَ أَنْصَارِ النَّبِيِّ وَرَهْطِه *** بَعْدَ المُغَيَّبِ فِي سَوَاءِ المُلْحَدِ

و{ السبيلُ } : عبارة عن الشريعة التي أنزلها اللَّه تعالى لعباده .