الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (107)

وقوله تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ }[ البقرة :107 ]

معناه التقرير ، ومعنى الآية أن اللَّه تعالى ينسخ ما شاء ، ويثبت ما شاء ، ويفعل في أحكامه ما شاء ، هو قدير على ذلك ، وعلى كلِّ شيء ، وهذا لإِنْكَارِ اليَهُودِ النَّسْخَ ، وقوله : { على كُلِّ شَيْءٍ }[ البقرة :107 ] عمومٌ معناه الخصوصُ ، إِذ لا تدخل فيه الصفاتُ القديمةُ بدليل العقل ، ولا المحالاتُ لأنها ليستْ بأشياء ، والشيء في كلام العرب الموجودُ ، و{ قَدِيرٌ } اسم فاعل على المبالغةِ ، قال القُشَيْرِيُّ : وإِن من علم أن مولاه قديرٌ على ما يريد ، قَطَعَ رجاءه عن الأغيار ، كما قال تعالى عن إِبراهيم - عليه السلام - : { رَبَّنَا إِنَّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ } [ إبراهيم : 37 ] ، قال أهل الإِشارة : معناه سهلت طريقهم إِليك ، وقطَعْت رجاءهم عن سواك ، ثم قال : { لِيُقِيمُواْ الصلاة } [ إبراهيم : 37 ] أي : شغلتهم بخدمتك ، وأنت أولى بهم ، { فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تَهْوِي إِلَيْهِمْ } [ إبراهيم : 37 ] ، أي : إِذا احتاجوا شيئاً ، فذلل عبادك لهم ، وأوصل بكرمك رعايتهم إليهم ، فإِنك على ذلك قديرٌ ، وإِن من لزم بابه أوصل إليه محابَّه ، وكفاه أسبابه ، وذلل لهُ كلَّ صعب ، وأورده كلَّ سهل عذبٍ ، من غير قطعِ شُقَّة ، ولا تحمل مشقة ، انتهى من " التحبير " .

وقوله تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السموات والأرض . . . } [ البقرة :107 ] المُلْك السلطانُ ، ونفوذُ الأمرِ ، والإِرادةِ ، وجَمْع الضمير في { لَكُمْ } دالٌ على أن المراد بخطاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم خطابُ أمته .