قوله : ( أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأََلُوا رَسُولَكُمْ ) [ 107 ] .
" أم " تقع منقطعة( {[3493]} ) بعد الخبر والاستفهام تقول : " جاءني زيد " ثم تقول( {[3494]} ) : " أم جاءني عمرو " ، وتقول : " هل عندك زيد أم [ عندك عمرو ]( {[3495]} ) ، " و-أزيد( {[3496]} ) عندك أم لا ؟ " كأنه في هذا كله أدركه( {[3497]} ) الشك ، بعد أن مضى صدر( {[3498]} ) الكلام فاستدرك ب " أم " .
وتكون " أم " عاطفة بعد الاستفهام خاصة ، تدل على ثبوت أحد الشيئين غير معين وعن عينه( {[3499]} ) يسأل بها . فهي بمنزلة أيهما عندك " فتسأل عن العين بعد أن يستقر عندك أن ثمّ شخصاً( {[3500]} ) ولا تدري من هو ، ولا يكون الجواب إلا بالعين . يقول( {[3501]} ) المجيب : " فلان أو فلان " ولا يجوز أن يقول : " لا ، ولا نعم . وإنما لا ونعم( {[3502]} ) جواب . أو إذا قلت : " أذا عندك أو ذا ؟ ( {[3503]} ) " . وتقول " سواء علي أقمت أم قعدت " ، فبالتسوية( {[3504]} ) أجريته( {[3505]} ) مجرى الاستفهام لأنك سويت الأمرين في علمك ، كما استوى علمك في قولك : " أزيد عندك أم عمرو ؟ ( {[3506]} ) " .
فالتسوية تُجري هذا على حروف الاستفهام ، كما أجرى الاختصاص ما ليس بمنادى على حروف النداء .
قال بعض النحويين في ( اَمْ تُرِيدُونَ ) : " معناه : أتريدون " .
وقيل( {[3507]} ) : هي منقطعة مما قبلها بمنزلة قول العرب : " إنها لإبل أم شاء " ( {[3508]} ) . وهذا القول بعيد لأنه لا يصح في أكثر كلام( {[3509]} ) العرب إلا على( {[3510]} ) حدوث شك دخل المتكلم ، وذلك لا يليق بالقرآن .
وقيل( {[3511]} ) : إنها مردودة على الاستفهام الذي قبلها وهو ( أَلَمْ تَعْلَمَ اَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) لأنه بمعنى : " ألم تعلموا " ، ثم قال : ( اَمْ تُرِيدُونَ ) .
قوله : ( كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ ) [ 107 ] .
قال ابن عباس : " [ أتى رجلان من ]( {[3512]} ) اليهود إلى النبي [ عليه السلام ] ( {[3513]} ) فقالا له : إئتنا بكتاب نقرأه ، وفَجِّر لنا أنهاراً( {[3514]} ) نتبعك . فأنزل الله عز وجل : ( اَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ ) الآية( {[3515]} ) .
ومعنى ( سُئِلَ مُوسَى ) ، هو قولهم : ( أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ) .
وقال مجاهد : " سألت قريش( {[3516]} ) [ النبي عليه السلام ]( {[3517]} ) أن يجعل لهم الصفا ذهباً ، فقال : نعم( {[3518]} ) ، هو لكم كالمائدة لبني إسرائيل . فأبوا ورجعوا ، فأنزل الله تعالى : ( اَمْ تُرِيدُونَ ) الآية " ( {[3519]} ) .
وقال أبو العالية : " جاء رجل إلى النبي/ [ عليه السلام ]( {[3520]} ) فقال : لو كانت كفاراتنا كفارات( {[3521]} ) بني إسرائيل . فقال النبي [ عليه السلام لا نبغيها( {[3522]} ) ] : مَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا أَعْطَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ؛ كَانَتْ بَنُوا إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ( {[3523]} ) أَحَدُهُمْ الخَطِيئَةَ وَجَدَهَا مَكْتُوبَةً عَلَى بَابِهِ وَكَفَّارَتَها( {[3524]} ) ، فَإِنْ كَفَّرَهَا كَانَتْ لَهُ خِزْياً( {[3525]} ) فِي الدُّنْيا . وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُ ، كَانَتْ لَهُ خِزْياً( {[3526]} ) فِي الآخِرَةِ . فَقَدْ أَعْطَاكُمُ اللَّه خَيْراً مِمَّا أَعْطَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قال : ( وَمَن يَّعْمَلُ سُوءاً اَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً )( {[3527]} ) و " الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ كَفَّارَات لِمَا بَيْنَهُنْ " ( {[3528]} ) و " مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتُ [ لَهُ حَسَنَةً ، فَإِنْ ]( {[3529]} ) عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عشْر أَمْثَالِهَا " ( {[3530]} ) . ثم أنزل الله بعقب ذلك : ( اَمْ تُرِيدُونَ )/ الآية( {[3531]} ) .
قوله : ( وَمَنْ يَّتَبَدَّلِ الكُفْرَ بِالاِيمَانِ ) [ 107 ] .
/قال أبو العالية : " الشدة بالرخاء " ( {[3532]} ) .
وقيل : الجحود بالإيمان ، وهو أولى( {[3533]} ) .
قوله : ( فَقَد ضَّلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) [ 107 ] .
والسواء هنا قصده ومنهجه( {[3534]} ) . وأصل( {[3535]} ) السواء الوسط( {[3536]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.