فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ تُرِيدُونَ أَن تَسۡـَٔلُواْ رَسُولَكُمۡ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۗ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (108)

{ أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل } .

{ أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل } أم بمعنى بل وفي هذا توبيخ وتقريع أي سؤالا مثل ما سئل موسى حيث سألوه أن يريهم الله جهرة إلى غير ذلك ، وسألوا محمدا صلى الله عليه وسلم أن يأتي بالله والملائكة قبيلا ، ورويت في سبب نزول هذه الآية روايات لا نطول بذكرها{[114]} .

{ ومن يتبدل الكفر بالإيمان } أي يستبدل ويأخذه بدله بترك النظر في الآيات البينات واقتراح غيرها والباء للعوض كما استظهره السفاقسي لا للسبب ، كما قال به أبو البقاء ، قيل خطاب للمؤمنين أعلمهم أن اليهود أهل غش وحسد .

{ فقد ضل سواء السبيل } من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الطريق المستوي أي المعتدل أي الحق ، ومعنى ضل أخطأ ، سواء هو الوسط من كل شيء قاله أبو عبيدة ومنه قوله تعالى : { وفي سواء الجحيم } وقال الفراء : السواء القصد أي ذهب عن قصد الطريق وسمته أي طريق طاعة الله .


[114]:أن رجلا قال: يا رسول الله لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : {اللهم لا نبغيها، ما أعطاكم الله، خير مما أعطى بني إسرائيل ، كانوا إذا أصاب أحدهم الخطيئة ؛ وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها، فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا، وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة فقد أعطاكم الله خيرا مما أعطى بني إسرائيل . فقال: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} النساء: 110 وقال : {الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن} فنزلت هذه الآية . قاله أبو العالية .