جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{أَمۡ تُرِيدُونَ أَن تَسۡـَٔلُواْ رَسُولَكُمۡ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۗ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (108)

{ أَمْ تُرِيدُونَ } ، أي : ألم تعلموا أنه يأمر وينهى كما شاء أم تعلمون وتقترحون في السؤال {[173]} فأم معادلة للهمزة أو منقطعة {[174]} ، { أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } : محمداً عليه الصلاة والسلام فإنه رسول الله إلى الناس أجمعين ، { كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ } : أهل الكتاب قالوا ائتنا بكتاب نقرأه وفجر لنا أنهاراً نصدقك فأنزل الله تعالى ، أو قريش {[175]} سألوا أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل فأبوا {[176]} ورجعوا {[177]} ، { وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ } ، أي : يشتري الكفر به ، { فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ } .


[173]:يعني أم إما متصلة معادلة لقوله "ألم تعلم"، وإما منقطعة أي: ألم تعلموا أن له القدرة الشاملة والتصرف كيف أراد ثم قال بل لكم علم لكن تقترحون في السؤال كما اقترحت أسلافكم على موسى عليه السلام/12 منه
[174]:معناه بل والهمزة للمبالغة في النهي حتى كأنهم كانوا بصدد الإرادة فنهوا عنها فضلا عن السؤال يعني من شأن العاقل أن لا يتصدى لإرادة ذلك/12 منه. والمراد أن يوصيهم بالثقة به وترك الاقتراح عليه لأن معنى المنقطعة بل والهمزة للإنكار/12 منه
[175]:على الوجه الأول: المخاطبون هم اليهود وهو قول ابن عباس وغيره وعلى الثاني: المخاطبون قريش وهو قول مجاهد والسدي وقتادة/12 منه
[176]:يعني إذا ظهرت تلك الآية فمن يكفر منكم فإن الله لا يمهله ويعذبه فلذلك أبوا عن الإيمان ورجعوا عن مقترحهم محبة للكفر كما قال تعالى لهم: "فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحداً من العالمين" (المائدة: 115)/12 منه
[177]:(*) أخرجه بنحوه ابن اسحاق وابن حرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس كما في الدر المنثور للسيوطي، 1/201