الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (35)

قوله تعالى : { يا أيها الذين ءَامَنُواْ اتقوا الله وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة . . . } [ المائدة :35 ] .

هذه الآية وعْظٌ من اللَّه تعالى بعقب ذكر العقوبات النازلة بالمحاربين ، وهذا من أبلغ الوعْظ ، لأنه يرد على النفوس ، وهي خائفةٌ وجِلَةٌ { وابتغوا } : معناه : اطلبوا ، و{ الوسيلة } : القُرْبَةُ ، وأما الوسيلةُ المطلوبةُ لنبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، فهي أيضاً من هذا ، لأن الدعاء له بالوسيلةِ والفضيلةِ إنما هو أنْ يُؤْتَاهُما في الدنيا ، ويتَّصف بهما ، ويكونُ ثمرةُ ذلك في الآخرةِ التشفيعَ في المَقَامِ المحمودِ .

قلْتُ : وفي كلامه هذا ما لا يخفى ، وقد فسر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الوسيلةَ التي كان يَرْجُوها من ربه ، وأَنَّهَا دَرَجَةٌ فِي الجَنَّةِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ ) الحديث ، وخص سبحانه الجهادَ بالذكْر ، وإن كان داخلاً في معنى الوسيلة تشريفاً له ، إذ هو قاعدةُ الإسلام .